كذلك يرفع سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدرها، رادًّا على الّذين يكرهون أن تولد لهم أنثى فيقول: ''مَن عال جاريتين حتّى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وقرَّب بين أصابعه''، أخرجه مسلم. ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كان له ثلاث بنات، فصبر عليهنّ، وأطعمهنّ وكساهنّ من جدته، كنّ له حجابًا من النّار يوم القيامة''، أخرجه ابن ماجه. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهنّ واتّقى الله فيهنّ فله الجنّة''، أخرجه الترمذي وأبو داود. وقد نقلت لنا الروايات الصحاح كيف كان تعامله صلّى الله عليه وسلّم مع زوجاته، ومقام زوجته الوفية خديجة بنت خُويلد رضي الله عنها، وهي أولى زوجاته وأعظمهنّ أثرًا في حياته صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان الاحترام والحبّ والمودة بينهما متبادلاً كأكثر ما يكون بين زوجين محبين متآلفين. وحين نزل سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم من غاز حِراء يوم أنزلت عليه أول آيات القرآن، فذهب إليها مباشرة ولم يذهب إلى أيّ مكان آخر، وخاطبها فطمأنته، وقالت له: ''والله لا يُخزيك الله أبدًا، إنّك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعينه على نوائب الحق''، ثمّ أخذته إلى ابن عمّها ورقة بن نوفل، وكان يقرأ التوراة والإنجيل، فقال له: ''إنّه الناموس الّذي أُنزِل على موسى''، أخرجه البخاري ومسلم. وظلّت السيّدة خديجة بجواره مؤمنة به وبرسالته، تدعّمه وتشجّعه وتثبّته حتّى ماتت، فحزن عليها حُزنًا لم يحزنه على أحد من قبلها، حتّى لقد سمّي العام الّذي ماتت فيه بعام الحزن.