أظهرت تقارير أمنية حول منطقة الساحل أن عدد المسلحين المنضوين تحت لواء مختلف العصابات الإجرامية النشطة في شمال مالي، يفوق 600 عنصر. وزيادة على توفرهم على أسلحة متوسطة وحتى قذائف صاروخية، فإنهم يستفيدون من تجارة التهريب، ويتحالفون في أي لحظة مع فلول الإرهابيين. هذه العصابات المسلحة، حسب نفس التقارير، قد تتصدى لأي عمل عسكري لفرض الأمن في منطقة شمال مالي تقوم به دول المنطقة في الساحل. ويعود ذلك لعدة معطيات، منها أن المسؤول العسكري لما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب المدعو حمادو عبيد أو ''أبو زيد''، قد نجح في نسج شبكة علاقات قوية مع عصابات إجرامية تنتشر عبر غرب إفريقيا والساحل، وتهدف هذه العلاقات في المقام الأول إلى تأمين جلب الأسلحة والأموال التي تسمح لفرع التنظيم في الساحل بالبقاء وبسط وجوده في الصحراء. وتشير تقارير أمنية وشهادات لأعضاء سابقين في تنظيم القاعدة في الصحراء إلى أن القائد العسكري للقاعدة في الساحل، عبد الحميد أبو زيد، يرتبط بشبكة علاقات قوية مع مهرّبي المخدرات ومع عشرات العصابات الإجرامية المسلحة المنتشرة في الساحل. وتفيد مصادرنا بأن مبعث القلق الحقيقي للجزائر أن أغلب هذه العصابات الموجودة في منطقة أفوهارس بدولة مالي والعريشة والظهر على الحدود بين مالي وموريتانيا و''بلاتو جادو'' بالحدود المشتركة بين ليبيا والجزائر والنيجر، تربطهم صلات قوية بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال وكتيبة الملثمين. وحسب ذات المصادر، فإن ما يعرف بكتيبة طارق بن زياد بقيادة الإرهابي عبد الحميد أبوزيد أو ''عبد الحميد السوفي''، وهي العمود الفقري لقوات تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجنوب ودول الساحل الإفريقي، تحوّلت إلى عصابة إجرامية لا يمكن ربط أفعالها بشعارات التيار السلفي الجهادي. ويقول تجار مقايضة جزائريون من ولاية قاو في شمال مالي، بأن مهرّبي مخدرات معروفون يعتمدون الآن على حماية كتيبة طارق بن زياد الإرهابية، أثناء مرورهم عبر المسالك الوعرة في مناطق وادي زوراك ومناطق أفوهارس الوعرة بدولة مالي. وتؤشر المعلومات المتاحة إلى أن فرع تنظيم القاعدة في الصحراء لا يمكنه الاستقرار في المنطقة دون دفع أموال طائلة لبعض شيوخ القبائل الموجودين وللسكان المحليين في الكثير من المواقع. لهذا، فإن توفير المال، مهما كان مصدره، يعدّ أهم أولويات الإرهابيين. لهذا، تحالفوا مع عصابات التهريب، وكوّنوا علاقات مع عصابات إجرامية وجماعات قطّاع طرق تنشط على امتداد الشريط الحدودي في الصحراء الشمالية لدولتي مالي والنيجر، وتعتمد هذه العصابات في مداخيلها على عائدات تجارة المخدرات بالأساس. وتفيد مصادر عليمة بأن عصابة إجرامية واحدة بلغ تعداد أفرادها أكثر من 50 فردا يعدّون من قطّاع الطرق والخارجين عن القانون، مجهزة بأسلحة حديثة وقدرات هائلة على الحركة. وبلغت علاقة ثاني أقوى جماعات قطّاع الطرق التي تنشط بمنطقة عرق العريشة شمالي مالي، مع الإرهابيين الجزائريين حدّ الاتفاق على مجال جغرافي للنشاط، تسمح فيه كل جماعة للأخرى بالمرور على مناطق تواجدها دون مشاكل. وتنشط جماعة تعرف باسم ''آرخومة''، نسبة إلى زعيمها بدر آرخومة، على محور الحدود بين مالي وموريتانيا، ونفذت في عام 2005 عملية خطف لمواطنين من دولة قطر، كانا بصدد استطلاع الأرض لصالح أحد أفراد الأسرة القطرية الحاكمة جاء إلى شمال مالي لصيد طائر الحبارى، ولم يطلق سراح المواطنين القطريين إلا بعد دفع فدية بقيمة 300 ألف أورو. وكانت جماعة ''آرخوما'' حتى عام 2006 على صلة قوية بكتيبة الملثمين، بزعامة الإرهابي المختفي عن الأنظار بلمختار مختار المكنى خالد أبو العباس. وتنشط العصابة الأقوى من بين هذه المجموعات في منطقة ''بلاتو جادو'' عند ملتقى الحدود بين جمهورية النيجر والجزائر وليبيا، وتسيطر هذه الجماعة على أحد أهم مسالك تهريب المخدرات نحو الشرق والسلاح إلى الجزائر. ويقدّر عدد أفراد جماعة ''أحمدو'' بما يفوق الخمسين عنصرا، مجهزين بأحدث سيارات الدفاع الرباعي من نوع تويوتا ستايشن، والأسلحة المختلفة.