إذا كان عام 2009 هو الأهدأ أمنيا، بالنسبة للجزائريين بسبب عدم تسجيل أي عملية إنتحارية، وتراجع عدد العمليات الإرهابية فإن الملف المهيمن على الأحداث يتمثل في ملف الفدية التي تطلب في عمليات الإختطاف التي ينفذها التنظيم الإرهابي المسمى ''القاعدة في المغرب الإسلامي''· تحول النشاط الإرهابي تحولا عميقا بمحاولاته اختطاف الأجانب وتهريب الأسلحة الحربية، إذ تمكنت مصالح الأمن المشتركة من إحباط أربع محاولات لتهريب الأسلحة الثقيلة، كانت تتضمن حتى صواريخ وقذائف مضادة للطائرات، أغلبها أحبط على مستوى الصحراء الكبرى، بينها محاولة تهريب قطع أسلحة بتيميمون، منتصف شهر أفريل الماضي، تلتها عمليات أخرى لتهريب الأسلحة، لكنها محدودة كونها مرتبطة بنشاطات التهريب المختلفة، وخاصة المخدرات، حيث تمكنت مصالح الدرك من إحباط محاولات متتالية لعمليات تهريب نوعية للمخدرات، خاصة بالجنوب الغربي للوطن (بشار وتندوف)، تمكنت على إثرها من حجز أسلحة رشاشة كانت بحوزة المهربين· كما تمكنت الدبلوماسية الجزائرية من تحقيق نجاح، بعد عدة سنوات من المطالبة بتجريم دفع الفدية للإرهابيين، وكعادتها أضحت الجزائر السباقة إلى مثل هذه المبادرات، فالعالم بعد أن اقتنع بأن للإرهاب امتدادات دولية، بعد معاناة بلادنا منه ومجابهتها له لعدة سنوات، إقتنع أخيرا بمطالبتها بضرورة الإمتناع عن دفع الفدية· وتعود خلفيات اللائحة التي أصدرها مجلس الأمن الدولي، بشأن تجريم الفدية للإرهابيين، إلى نشاط مكثف قامت به السلطات بإرساء تنسيق مع مسؤولين في عدة دول نافذة في الأممالمتحدة، وقد تابع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الإتصالات التي أقيمت في هذا الإطار، مع عواصم إفريقية وعربية لحشد التأييد لهذا المشروع، وتركز العمل في الكواليس، في مرحلة ثانية، مع دول غربية محورية على تمرير مشاريع القرارات بمجلس الأمن· وقد اشتغل الجزائريون والبريطانيون سويا على هذا الملف، وأعدوا حججا قوية أقنعت أعضاء المجلس في النهاية بأن المنظومة القانونية المتعلقة بتجفيف منابع الإرهاب بحاجة إلى دعمها بلائحة خاصة بتجريم الفدية· ماذا بعد حصد الإرهابيين لحوالي 10 ملايين أورو من أموال الفديات تشير، تقارير، إلى تحصيل فرع التنظيم المسلح في الصحراء لما يفوق 10 ملايين يورو في ثلاث عمليات اختطاف شهيرة عام ,2009 منها خطف ستة سياح أعدم منهم واحد من جنسية بريطانية، وحاليا يعتقل التنظيم ستة غربيين آخرين، وتشير كل المعطيات إلى أن دولهم مستعدة للتجاوب مع مطلب دفع الفدية وهي الأموال التي تدفع لإبرام صفقات سلاح كبرى تتم عادة مع تجار السلاح في بوركينافاسو أو نيجيريا، ومع حركات التمرد في النيجر ودارفور حصلتها ''القاعدة'' عبر وسطاء· 2009 سنة تفكيك شبكات الدعم وخلط أوراق التنظيم الإرهابي باعتراف الولاية المتحدةالأمريكية، فإن مصالح الأمن الجزائرية تعد الأهم في العالم بامتلاكها لكل المعلومات المتعلقة بالنشاط الإرهابي في منطقة الساحل، وحتى بإفريقيا وعلاقاته بالتنظيم العالمي للقاعدة، فقد أصبحت الإستخبارت الجزائرية تتحكم في الملف الأمني أكثر فأكثر، حيث تمكنت مصالح الأمن المختصة من توقيف قرابة 400 شخص مبحوث عنه، ينتمي أغلبهم إلى جماعات الدعم والإسناد، كما تميز عام 2009 أيضا، بإعادة التنظيم الإرهابي لخارطة تقسيم مناطقه، نتيجة ضغط مصالح الأمن، فقلص مناطقه إلى أربع فقط، بدل تسع، ومكن هذا النشاط، أيضا، من إقناع نحو40 إرهابيا بتسليم أنفسهم لمصالح الأمن· عمليات نوعية للجيش الجزائري بالصحراء تمكنت، قوات الجيش، خلال هذا العام من القضاء على ثلاثين إرهابيا ينشطون في مختلف كتائب فرع القاعدة بالمغرب الإسلامي، من بينها تلك العملية النوعية التي نفذتها، في شهر أوت الماضي، حيث تمكنت من القضاء على خمسة إرهابيين بصحراء ورقلة، بينهم أمير منطقة مالي، والقبض على سادس، بعضهم من جنسيات إفريقية مختلفة، كانوا ينشطون ضمن جماعة تابعة لما يسمى ب ''مجموعة أبي زيد وبلمختار''، تحت لواء ما يسمى ب ''تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي''· وقد نفذت العملية، إثر تعرض مروحيتي استطلاع تابعتين للجيش إلى إطلاق نار كثيف من طرف مجموعة مسلحة، لتواجهها قوات الجيش في حملة مطاردة ناجحة، وتحقق بذلك قيادة الناحية العسكرية الرابعة نجاحات باهرة في الميدان· وقد قطع، اللواء شريف عبد الرزاق، قائد الناحية العسكرية الرابعة، عهدا باستئصال الإرهاب من الصحراء بتصريح مشهور له ''إن فلول الإرهاب وعصابات التهريب والجريمة المنظمة، لن يكون لها مكان أو أمان في كل الصحراء الجزائرية''· وبالإضافة إلى العلميات العسكرية، فقد اتخذت إجراءات أمنية جديدة وغير معتادة، لاحظها المواطنون في الجهة، سواء في المدن أو في محيط القواعد والشركات البترولية الوطنية والأجنبية، ومحاور الطرق الحيوية، في محاولة لخنق التحركات الإرهابية بالمنطقة· ومن العمليات النوعية، أيضا، تمكن قوات الجيش من القضاء، مؤخرا، على عشرة إرهابيين بالخيثر التابعة لولاية البيض، كانوا بصدد نقل شحنة سلاح، واسترجعت القوات النظامية، بعد هذا الإشتباك، كمية من الذخيرة والمتفجرات· وتمثلت أهم العمليات العسكرية في الجنوب، تلك التي وضعت حدا لنشاط 12 إرهابيا، منهم 3 أجانب من جنسيات إفريقية، عندما حصلت مصالح الإستخبارات العسكرية على معلومات مفادها قرب تسليم أسلحة في العرق الغربي الكبير على الحدود بين ولايات غرداية وأدرار وبشار والبيض لإرهابيي قاعدة المغرب الإسلامي· كما تمكنت، مصالح الأمن المختلفة عبر عمليات بالصحراء، من حجز أجهزة هواتف خلوية من نوع ''ثريا'' وصل عددها إلى 20 جهازا خلال العام الجاري، كانت تستعمل من طرف المهربين والإرهابيين، بعد تضييق الخناق على الحدود الغربية من الوطن التي اعتبرت في السنوات الماضية منفذا هاما لتهريب الأسلحة·