تميّز الوضع في سوريا، يوم أمس، بتسجيل أول حركة نزوح إلى خارج سوريا وبالتحديد إلى لبنان، حيث تحدثت العديد من المصادر عن عبور مئات السوريين معبر البقيعة الحدودي في منطقة وادي خالد بشمال لبنان. وقد جاء هذا الهروب بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها مدينة تل كلخ القريبة من الحدود، وحسب رواية أحد اللبنانيين الذي كان بالمعبر الحدودي منتظرا أقارب وأصدقاء له كما يقول، فإن حركة النزوح بدأت مساء الأربعاء لكن بشكل غير لافت للانتباه، ثم تفاقمت يوم أمس الخميس بعد اندلاع الاضطرابات، وهذه الإشارة توحي بأن النازحين من تل كلخ كانوا يتوقعون حدوث اختلال أمني فبدأوا في مغادرة المدينة أمسية الأربعاء، كما تناقلت العديد من المصادر الإخبارية أن عشرات المواطنين السوريين قد عبروا إلى الأراضي اللبنانية عبر مسالك مختلفة وليس طرقا معروفة. أما عن الأحداث التي تكون قد شهدتها مدينة تل كلخ، فذكر لبنانيون قريبون من الحدود بأنهم سمعوا صوت الرصاص مثلما سمعوا أصوات المحتجين وهي تطالب بالحرية، لكن لم يتسن معرفة ما إذا كانت المواجهات قد خلفت ضحايا أم لا. من جهة أخرى وفي سياق تطورات الأحداث نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشطين حقوقيين سوريين أن عدد ضحايا مدينة درعا، منذ يوم الإثنين الأخير، بلغ اثنين وأربعين قتيلا، وحسب رواية أحد هؤلاء الناشطين، فإنه تعذر على معظم الأهالي دفن ذويهم المتوفين في الأحداث، لأن قوات الأمن تطلق النار على كل من يقصد مقبرة الشهداء التي احتلتها الوحدات العسكرية التي جاءت لقمع التظاهرات. لكن رغم هذه الحصيلة الثقيلة، فقد أكد هؤلاء الناشطون أن دعوات قد وجهت لسكان المدينة ولكل السوريين تدعوهم للخروج، اليوم الجمعة، في مسيرات احتجاجية حاشدة، وأكد هؤلاء أن عمليات القتل والقمع التي يقوم بها الجيش السوري ومختلف الأجهزة الأمنية الأخرى، لن تخيف المواطنين السوريين ولن تثني إرادتهم في مواصلة المطالبة بالحرية ورفع الوصاية عن الشعب. وتكريسا لهذا التوجه دعا ما يعرف ب''شباب الثورة السورية'' على موقع التواصل الاجتماعي ''الفايسبوك'' ''إلى يوم جمعة الغضب والقيام بمظاهرات ضد النظام وللتضامن مع درعا''. ووجه هؤلاء الشباب نداء في موقعهم جاء فيه ''إلى شباب الثورة، غدا سنكون في كل مكان، في كل الشوارع (...) ونتعهد لكل المدن المحاصرة بما في ذلك أشقاؤنا في درعا بأننا في الموعد''. وأمام استمرار وضعيات التهور هذه نبه ناشطون إلى أن ''الوضع بمدينة درعا يزداد سوءا ولم يعد لدى السكان دواء ولا غذاء ولا حليب الأطفال ولا ماء ولا كهرباء''. ميدانيا تحدثت السلطات السورية عن وقوع أحداث، يوم أمس الخميس، خلفت قتيلين من قوات الأمن وجرح سبعة آخرين، وحسب ما جاء في الوكالة الرسمية للأنباء ''سنا'' فإن هذه الأحداث قد سجلت بكل من درعا بأقصى الجنوب السوري وفي تل كلخ على الحدود مع لبنان. وعن المواقف الدولية من أحداث سوريا، شرع مجلس حقوق الإنسان، يوم أمس الجمعة، في دراسة مشروع تقدمت به الإدارة الأمريكية، يطالب بإرسال لجنة تحقيق دولية مستقلة يتم تعيينها من قبل رئيس مجلس حقوق الإنسان للتحقيق في ما وصف بأنه انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية، كما يطالب مشروع القرار الذي ينتظر أن تتم الموافقة عليه، المفوضة السامية بزيارة سوريا لإعداد تقرير أولي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، على أن يتم عرضه في الجلسة 17 لمجلس حقوق الإنسان في شهر جوان القادم، وإعداد تقرير شامل تتم مناقشته في الجلسة 18 لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر القادم. على المستوى الدولي كذلك سحبت الحكومة البريطانية الدعوة التي سبق ووجهتها للسفير السوري بلندن لحضور حفل زفاف ابن ولي العهد البريطاني، وهذا لأن الدعوة أصبحت غير مقبولة، حسب تعبير وزير الخارجية البريطاني، بعد قمع المتظاهرين في سوريا، أما رئيس الوزراء القطري، فتمنى في كلمة له، خلال استقباله للوزير الأول المصري عصام شرف، أن يسود العقل والحكمة في سوريا، وقال: ''لنا علاقات متميزة مع سوريا، ونتألم كثيراً لما يجري فيها''.