أطالب المجلس العسكري لمحاكمة مبارك ورموز الفساد بسرعة لن نترشح لرئاسة الجمهورية من أجل مصلحة مصر كشف المهندس خيرت الشاطر، الرجل الثاني في حركة الإخوان المسلمين، في حوار ل''الخبر''، أن الإخوان لن يسعوا للأغلبية في الانتخابات البرلمانية القادمة، ولن يقدموا مرشحا للرئاسة حرصا على مصلحة مصر ومراعاة للمتغيرات الإقليمية. وأكد الشاطر الذي قضى 12 سنة في سجون مبارك منها خمس سنوات بسبب رفضه خيار التوريث، أن الإخوان لن يدعموا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي قرر الترشح للمنصب ذاته لأنه خرج على قرار الجماعة. في البداية نود أن نتعرف على رؤيتكم لتطوير جماعة الإخوان بعد تكليفكم من قبل المرشد العام بتولي هذا الملف عقب ثورة 25 يناير؟ التطوير عملية مستمرة لا ترتبط بظرف معين، إلا أنه تتزايد الحاجة إليها في لحظات التحوّل التاريخية كهذه اللحظة الراهنة التي تعيشها مصر بصفة عامة. والتطوير مرتبط برؤية استراتيجية للجماعة حددناها في في ثلاث مهام خلال المرحلة الحالية، المهمة الأولى والرئيسية هي المساهمة مع أبناء الشعب المصري في بناء الأمة على أساس المرجعية الإسلامية، وهذه المهمة ليست مستحدثة ولكنها مهمة جماعة الإخوان منذ نشأتها. لماذا لم ترفعها الجماعة كشعار لها منذ بداية تأسيسها الثاني؟ لأن الجماعة انشغلت منذ عام 1975 حتى عام 1990 في التأسيس الثاني للجماعة، بعد الخروج من سجون عبد الناصر فلم يكن لهم وجود في الشارع المصري ولا هيكل إداري، فانشغلت بمرحلة التأسيس وتفاعل الإخوة الخارجين من السجون مع الصحوة الإسلامية التي أعقبت نكسة 67، وبدأوا بمشروع تحسين الصورة الذهنية للإخوان بعد حملة التشويه التي تبناها عبد الناصر. وفي عام 1990 تم انتخاب أول مكتب إرشاد ومجلس شوري ومسؤولي مكاتب إدارية ووحدات بشكل انتخابي حر، وهنا توجهت مرحلة التأسيس الثاني للجماعة وأصبحت الجماعة في كل مكان. وبعد هذه التأسيس كان من الطبيعي أن تبدأ الجماعة في دورها من خلال الانفتاح على المجتمع. ذكرت أن محاولة التأسيس لمجتمع مرجعيته إسلامية بدأت من التسعينات، فلماذا تأخرت الجماعة في التنفيذ؟ لأنه حصل تغيّر في موقف النظام الحاكم في التعامل مع الإخوان، وأحد أهم الأسباب المباشرة لهذا التغيير كان صعود جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر، وحصدها للأغلبية في الانتخابات. فبدأ النظام في تغيير رؤيته من دمج الإخوان في العملية السياسية، وهناك أسباب أخرى ساهمت في ذلك ومنها تصاعد خط العنف في الصعيد عام .1992 فمع 1992 بدأ النظام في عمل استراتيجية جديدة للتعامل مع الإخوان من خلال مسارين، المسار الأول هو توجيه جملة من الإجراءات القمعية المبرمجة ضد الإخوان تتمثل في السجون، فعدد المساجين من الإخوان منذ عام 92 وحتى سقوط مبارك تجاوز ال30 ألف حالة، بعضهم سجن أكثر من مرة، لتتجاوز حالات الاعتقال والسجن في عهد مبارك ال100 ألف. كما استخدم منهج من الإجراءات القمعية الثابتة منها منع تقلد الوظائف العامة والمنع من السفر وبدأت المحاربة في مشروعاتنا الاقتصادية بهدف إحداث حالة من الإرباك للجماعة. بنظركم لماذا اتبع معكم النظام نهج تجفيف المنابع رغم تأثير ذلك اقتصاديا على البلاد؟ أعتقد أن الجزء الأكبر من سياسة تجفيف المنابع كان بناء على توجهات من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، لأنه تزامن مع تصاعد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكان يحاول ضرب الكيانات الاقتصادية الإسلامية في مصر والوطن العربي، لأنه كان يتصور أن ضرب تلك الكيانات سيمنع تمويل حماس. واستمر التصعيد في هذا النهج، ففي منتصف التسعينات قامت وزارة الداخلية بحصر شركات الإخوان حتى محلات البقالة لم تسلم، وقامت بضربها بأشكال مختلفة. لماذا لم تنفجر الجماعة في وجه النظام في ظل هذا الأسلوب القمعي إذن؟ لأنها جماعة إسلامية مرتبطة بالعمل التطوعي، فالآثار السلبية أقل من أي جهة أخرى، لكن الإخلاص والجانب الإيماني عصمها من الموت، وهناك قاعدة أن أي كيان إسلامي يصعد سريعا ويموت بصعوبة. برأيكم، لماذا لم يتحوّل الحراك السياسي في مصر عامي 2004 و2005 إلى ثورة شعبية؟ لأسباب متعددة منها أن الحركات الاحتجاجية كانت وليدة وناشئة، وأن المظاهرات يتصدر لها الإخوان بعشرات الآلاف، بينما القوى الأخرى بالعشرات فقط والتالي الثورة لا يمكن أن تقوم على الإخوان وحدهم. إلى جانب أن مساوئ النظام لم تتضح بتلك الصورة التي برزت خلال السنوات الخمس الأخيرة، ولابد أن نفرق بين فترتين في حكم مبارك ما قبل ظهور جمال مبارك وما بعده. هل يعني قولك أن نزول الإخوان في فترة الحراك السياسي كان بالونة اختبار للثورة؟ نعم ولكننا لم نعلن ذلك، حتى لا تحدث مذبحة للإخوان. وقلت في ذلك الحين لو ضمنا أن 200 ألف أو 300 ألف واحد يصمدون في ميدان التحرير لمدة أسبوع فإن الأوضاع ستتغير. لكن تجاوب الناس كان ضعيفا ولم يتقو إلا بعد .2005 عندما شعرت أن تلك اللحظة غير مناسبة لتحرك الشارع المصري، كم توقعت من الوقت ليصبح مناسبا؟ شعرت أن مصر بحاجة لخمس أو سبع سنوات حتى تتغير ثقافة المواطن المصري وثقافة الفرد الإخواني، فكنت أتمنى أن يخرج كل إخواني ويدعو معه عشرة أشخاص. فعندما يخرج 10 آلاف إخواني يخرج معهم مليون من الشارع المصري. ولكنني مع ذلك، أتحدى أن يكون هناك من يقول أنه كان راصد لحقيقة الوعي لدي المواطن المصري التي دفعت به إلى الثورة. ذكرت أن الأقباط ظلموا، كيف ذلك؟ مبارك ظلم الأقباط، فالاحتقان الطائفي في حد ذاته ظلم، وأنا علي سبيل المثال كنت أسكن في بيت رجل قبطي ولم يكن بيننا أي نوع من الاحتقان بل المودة والحب، وكنا نتبادل الزيارات ولم يكن هناك حساسيات. ولكن في آخر 40 سنة اختلف التعامل بين المسلمين والمسيحيين بسبب أن وزراء مصر حوّلوا تلك العلاقة إلى ملف أمني وحاولوا إشعاله بين الفترة والأخرى. وما تردد عن تورط حبيب العادلي في كنيسة القديسين فهو أمر غير مستبعد. ما هو تعداد الإخوان الحقيقي، وهل بدأتم في رصده؟ ليس هناك تعداد ولن نقوم بعمله لماذا؟ لأننا لا نشعر أن هناك حالة من الأمان مائة في المائة، ونحن في وضع أمني غير مستقر. ولكن هناك بعض التقديرات تشير إلى تجاوز عدد الإخوان ل2 مليون؟ لا، والله، ليس لدينا أية مؤشرات ونرفض هذا المبدأ، ولكن يمكن اللجوء إليه لما نحس أن هناك استقرارا سياسيا حقيقيا وانتقالا سلميا للسلطة واستقلالا للقضاء. هل سيكون هناك تعاون مع التيارات الإسلامية المختلفة، مثلا الجماعة الإسلامية أو الجهاد أو السلفيين؟ أي تيار إسلامي يعتنق الطرق السلمية للتغيير فنحن نرحب بالتعاون معه في حدود المساحات المشتركة، ولكن أي أحد يتبنى العنف أو التطرف الفكري فهو أمر مرفوض. وأرى أن العديد من التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة لم يكن لديها مشروع لنهضة الأمة، ولكن لديها مشروع لنشر التدين، والاختلاف بينهما كبير. هناك مقترح بفصل منصب المرشد العام للإخوان عن قيادة الجماعة بمصر؟ كل الأفكار ستدرس وما يستقر عليه الأغلبية سينفذ. هل ستشارك الإخوان في الحكومة القادمة؟ الله أعلم، ما قلناه أننا لن ننافس على موقع الرئاسة في الدور القادم ولا على الأغلبية البرلمانية في الدورة القادمة. ولكن في حالة حصولنا على حصة في البرلمان هل سيدفعنا ذلك للمشاركة في حكومة ائتلافية، فهذا الأمر لم يدرس بعد من قبل الجماعة، ولكنه من حيث المبدأ غير مرفوض. أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح اعتزامه الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، فهل ستدعمونه؟ لا، لن ندعمه. لماذا؟ هذا قرار مؤسسي ومبني على أسباب موضوعية تراعى فيها بدرجة كبيرة مصلحة مصر في الظرف الحالي. فقرارنا غير مرتبط بوضع حصري للجماعة ولكن مرتبط بمصلحة البلد. ولا نريد أن نعطي فرصة لتطبيق السيناريو الجزائري أو السيناريو في غزة وكلاهما معروف للجميع. الأمر الآخر، نرى أن مصلحة البلاد الآن في إدارة ائتلافية، لذلك كنا مع تشكيل مجلس رئاسي. لأن مصر تمر بأزمة كبيرة الآن اقتصاديا وسياسيا وإداريا، لذلك فالفترة القادمة تحتاج لإدارة ائتلافية تشارك بها كافة أطياف المجتمع. فكيف أسوق تلك الفكرة وفي الوقت ذاته أخرج على الناس بشيء آخر.