بمقتل أسامة بن لادن، يكون العالم قد طوى صفحة شخص دخل المخيلة العالمية منذ 11 سبتمبر 2001، بتحوله للعدو الأول للولايات المتحدة. ملياردير اختار مخيمات ''تورا بورا'' بدل حياة الترف والمال. اسمه الكامل أسامة بن محمد بن عوض بن لادن، من مواليد 10 مارس 1957 بالرياض، من عائلة غنية تنحدر من اليمن، فلا شيء كان ينبئ بأن يكون أسامة بن لادن المبحوث عنه رقم واحد في العالم طيلة عشر سنوات. انخراطه في العمل ''الجهادي'' كان نهاية السبعينات حين طلب منه سفير السعودية بلندن، الأمير تركي الفيصل، تأطير إرسال ''جهاديين'' إلى أفغانستان لمواجهة التواجد السوفييتي، بمساعدة وتزكية أمريكية، حيث ساهمت الولاياتالمتحدة بتسليح وتدريب المقاتلين الأجانب في المخيمات التي أسسها بن لادن. نقطة التحول في العلاقة مع الولاياتالمتحدة والسعودية كانت بتوقف الدولتين عن تمويل المجاهدين بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان، في الوقت الذي كان يرغب بن لادن، وحكمتيار الذي اقترب منه، في السير على كابول. فبعد عودته إلى السعودية، تحول بن لادن إلى بطل قومي، فانطلق في إلقاء المحاضرات عن مشاركته في قهر ''الدب الأبيض'' السوفييتي، لتأتي حرب الخليج الأولى لترمي أكثر ببن لادن بعيدا عن فلك الدول ومصالح المخابرات، فاقترح على الملك فهد تأسيس ''ميليشيات'' تدافع عن السعودية في حالة اجتياح القوات العراقية، غير أن الملك رفض وفضل فتح الأبواب أمام التواجد الأمريكي بالأراضي المقدسة. ليصبح بعدها بن لادن يوجه سهام الانتقاد للعائلة المالكة، التي اعتبر أنها دنست الأرض المقدسة بالسماح للقوات الأمريكية بالتمركز فيها لضرب العراق، متهما أيضا أمراء العائلة بالرشوة. وبعد أن تحالف مع المعارضين في الخارج، اتهم من قبل السلطات السعودية بتدبير عدة عمليات لضرب المصالح السعودية، وقررت هذه الأخيرة سحب الجنسية السعودية منه سنة .1994 استقر في السودان بعدها تحت رعاية حسن الترابي، وباشر استثمارات ضخمة، لم يمنعه من قطع الوصال بمختلف التنظيمات الجهادية، حيث تشير تقارير أنه ساهم في تمويل الجهاديين في البوسنة وفي مختلف أصقاع العالم. لكن قبل 1998 لم يكن بن لادن معروفا إلا من قبل المصالح الاستخباراتية، غير أن تفجيري سفارتي الولاياتالمتحدة بنيروبي بكينيا ودار السلام بتنزانيا، اللتين خلفتا 224 قتيل من بينهم 12 أمريكيا، أدخلاه قائمة العشرة أشخاص الأكثر بحثا عنهم من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي. ليأتي تاريخ 11 سبتمبر ,2001 ليصاب العالم بذهول أمام الضربة القوية التي تلقتها أكبر قوى عسكرية في العالم، المتمثلة في ''نطح'' طائرتين ناطحتي السحاب بنيويورك، ولم تنتظر الولاياتالمتحدة كثيرا لتعلن أن مدبر العمليات ليس إلا الملياردير الفار، أسامة بن لادن، فطالب بوش بإحضاره ''حيا أو ميتا'' على طريقة أفلام ''رعاة البقر''. البحث عنه كان من أولويات اجتياح أفغانستان، ومعركة تورا بورا الشهيرة، حيث قالت السلطات الأمريكية إنه يختبئ فيها، لتمر سنين وسنين، عجزت فيها أعتى قوة عسكرية في العالم ومخابراته عن تحديد مكانه، فيما واصل بن لادن إرسال التسجيلات الصوتية والمرئية عبر ''الجزيرة''، وانطلق في إنشاء ما يشبه تنظيم شبيه بشركة متعددة الجنسيات، أطلق عليه أو أطلقت عليه الولاياتالمتحدة اسم ''تنظيم القاعدة''، ليكون نهاية مسار من كان يتخيل للعالم أنه يختبئ في أحشاء الأرض، في شبه منتجع بالقرب من إسلام أباد، حسب الرواية الأمريكية طبعا.