مع حلول فصل الصيف، تزداد حالات التسمّم الغذائي بفعل تغيّر النمط الاستهلاكي للجزائريين، من خلال ارتفاع الطلب على الأطباق والمأكولات الخفيفة والإقبال الكبير على تناول المثلجات والمرطبات دون مراعاة أصحابها لأدنى شروط النظافة والتخزين. تؤكد مختلف المعطيات العلمية أن عدد الجراثيم يرتفع بمقدار ارتفاع درجة الحرارة، إلى درجة أنه يتضاعف عشرات المرات، خصوصا فيما يخص المأكولات سريعة التلف كالمثلجات والمرطبات، الحليب ومشتقاته وخصوصا الياغورت، التي تتعرض في ساعات قليلة لجراثيم ''السالمونيلا''، والمكورات العنقودية ''ستافيلوكوك''، دون أن تفقد من خصائصها العضوية، محتفظة مع ذلك بمظهرها ومذاقها، مما يعرّض حياة من يتناولها للخطر. وحسب تقرير لوزارة الصحة، تم تسجيل ما يقارب أربعة آلاف حالة تسمم في.2010 وتتصدر تسممات المطاعم الجماعية القائمة ب 50 بالمائة، أغلبها تحدث بالمطاعم المدرسية والجامعية، وحتى في الولائم والحفلات التي تكثر في فصل الصيف، ثم تليها 49 بالمائة من التسممات الناتجة عن تناول الحلويات المكونة من البيض، أما اللحوم فتحتل المرتبة الثالثة في أنواع التسممات ب30 بالمائة. وللتصدي لتنامي الظاهرة، عمدت الوزارة إلى تنظيم مراقبة الأسواق، من خلال استحداث لجان مشتركة بين مصالح البلدية ووزارة التجارة والصحة لمراقبة المنتجات، غير أن التحدي الذي يواجه اللجان صعب جدا، بعد إعادة الترخيص من قبل السلطات العمومية بالأسواق الموازية، التي لا تتوفر فيها شروط التخزين والعرض والبيع، وحتى الشروط الصحية. وحسب مواطنين التقت بهم ''الخبر''، فإن المسؤول الأول في نظرهم عن التسمم الغذائي هم التجار الذين يلجأون إلى أساليب غير صحية في حفظ المنتجات سريعة التلف مثل المثلجات، بقطع التيار الكهربائي عن المبردات والثلاجات خلال الليل اقتصادا في فاتورة استهلاك الطاقة. وفي هذا الصدد صرّحت السيدة أمينة أم لخمسة أطفال التقيناها بمحل لبيع المواد الغذائية ببن عكنون، أنها لا تسمح لأبنائها بشراء مأكولات من الخارج، وتحرص على أن تعلّمهم دائما مراقبة تاريخ انتهاء الصلاحية قبل شراء الحلويات والياغورت والعصير، إلى درجة أنها تقوم بإعداد كافة الأطباق بنفسها خلال توجهها كل آخر أسبوع للتنزه. كما تحرص زينب التي صادفناها بسوق الخضر والفواكه بحي بن عكنون على تفادي التسممات الغذائية، وتردف قائلة: ''قبل فصل الصيف أشتري الخضر والفواكه مرة في كل أسبوع، لكن خلال الفصل أضطر لاقتناء ما أحتاجه يوميا''. أين هو القانون؟ ويعتبر مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك ومحيطه لولاية الجزائر، أن عدد التسممات المعلن عنه من قبل السلطات الوصية بعيد كل البعد عن العدد الحقيقي، بفعل أن الكثير من الحالات يتم معالجتها في البيت دون اللجوء إلى المستشفيات، بالإضافة إلى عدم تصريح بعض الأطباء بالحالات التي يقومون بعلاجها، خاصة إذا تعلق الأمر بالعيادات الخاصة، ويضيف المتحدث أن القانون واضح في مثل هذه الحالات بموجب مرسوم وزاري، خاص بوزارة الصحة رقم 179 المؤرخ ب17 نوفمبر 1990 والمحدد لقائمة الأمراض الموجب التصريح بها، والتسممات الغذائية الجماعية، وهي الأمراض التي يوجب على الطبيب المشخّص لها أو المشكك فيها أن يصرّح بها. كما دعا رئيس الجمعية إلى حث الأطباء على التصريح بحالات التسممات حتى تتوفر إحصائيات دقيقة لمعرفة المأكولات المسببة للجراثيم ومدى خطورتها ليتم الوقاية منها، مضيفا أنه يجب حث المواطنين على التبليغ عن المخالفات التي يرتكبها التجار، وهوما يعني نشر ثقافة استهلاكية سليمة من خلال توعية التاجر والمواطن.