طغت أحداث في كواليس الجلسات الأولى للمجتمع المدني، التي بادر إلى تنظيمها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، على الحدث نفسه، قياسا لمشاركة نقابات غير معتمدة إلى جانب الاتحاد العام للعمال الجزائريين. كما كان لخطابات ألقاها ضيوف أجانب تتودّد لثورات تونس ومصر، وقعها على مسؤولي حركات جمعوية، عرف عنها ترويجها لخطاب السلطة. وبقدر ما نجح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، السيد محمد الصغير باباس، في جمع أكثر من ألف مشارك في الجلسات الأولى للمجتمع المدني التي افتتحت أمس بنادي الصنوبر في العاصمة، بقدر ما كانت الخلافات ظاهرة في كواليس الحدث، أساسها حسابات سياسية، على خلفية جلوس كثير من ''الخصوم'' في ورشة مشتركة تستهدف ''إشراك الحركة الجمعوية بالرأي في الإصلاحات السياسية''. وكان واضحا أن رئيس المجلس قد بلغته أنباء تشكك في مصداقية الجلسات في حد ذاتها، فبعث بتطمينات للمشاركين ضمن كلمته الافتتاحية، حيث قال ''يجب لجلسات النقاش هذه أن تسمح لنا، بكل حرية وشفافية، برفع توصيات للرئيس بوتفليقة''، وتابع: ''سنحاول كيف نحصل على أوسع إجماع حول كل الإشكاليات المطروحة أمامكم في الورشات الخمس''. بل رافع باباس حول مغزى الجلسات واعتبره ''نموذجا جديدا للحكومة، حيث الشارع الأول السياسيون يتشاورون حول الإصلاح السياسي في هيئة بن صالح، والشارع الثاني الحركة الجمعوية فله جلساته أيضا''. وتناقش الجلسات ملف الشباب من كل الجوانب، سواء جانب التكوين والعمل وغيرها، ونمو الاقتصاد الجزائري، والخطوط العريضة لأرضية المجتمع المدني التي ستنطلق أساسا من منح الاعتماد وضمان المقرات وتوفير الإمكانيات المادية. ولم تعجب كلمة ألقاها رئيس فوروم ''كرونس مونتانا''، جون بول كارتورو، وجوها جمعوية معروفة باجترار خطاب السلطة. وكان كارتورو في كلمته يمتدح الثورات العربية التي بدأت من تونس، ويتوقع أن تجتاح العالم كله وليس المنطقة العربية فقط، فقال عن ثورة تونس إنها: ''ثورة لا تريد السلطة، وهي عفوية وأصحابها أرادوا إسماع صوتهم في واقع فيه عولمة غير إنسانية، لتطالب بتغيير عميق في الدولة''، وامتدح المتحدث ''فرصة الحوار'' التي أتاحتها جلسات المجتمع المدني ''لأن الوقت حان لأن يأخذ كل شخص دوره الطبيعي في المجتمع''. ودارت شائعات في الجلسات أن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين لم تعجبه مشاركة نقابات لا تملك الاعتماد، فتوجهت ''الخبر'' إلى عبد المجيد سيدي السعيد على هامش الجلسات وسألته مدى صحة ذلك، وجاء رد سيدي السعيد غاضبا: ''لا أقع في فخ كهذا، وما يشاع كلام عجائز، ومن يقول هذا الكلام يريد خلق مشاكل بيننا وبينهم''. وأفاد عبد المجيد سيدي السعيد ''نحن نحاول أن نبني مثل الذي يبني منزلا، فيشارك في بنائه الجميع''. ويضيف سيدي السعيد: ''أؤكد أن جميع النقابات والجمعيات مرحب بها هنا، ولا يوجد هنا تنافس نقابي أو سياسي، وإنما نتنافس على إيصال جرعات أوكسجين لمجتمعنا''.