إنّ الميزان الذي يُختار على أساسه شريك وشريكة الحياة هو الخلق والدَّين، لأنّهما صفتان عظيمتان تحملان ما لا يُحصى من الأحكام والعبادات والمعاملات والآداب التي لا تتأثّر بتغيُّر الأحوال والأزمان والأمكنة، فهي لازمة لصاحبها، أمّا ما عداهما من الموازين كالمال والنّسب والجمال فهي صفات عارضة قد تزول لسبب من الأسباب. فعلى هذه الأمّ الحنون أن تنظر إلى القضية من هذا المنظار وتفرح لابنها إن اختار زوجة ذات خُلق ودين، تعلَم أنّ صلاح زوجها واستقامته في برِّه لأمّه وأبيه فتعينه على ذلك، وتُكرِم أهلَه وتحترمهم وتخدمهم. ولم يكن الفقر أبدًا عيبًا تعيب النّاس به، بل المعهود على فئة الفقراء أنّهم أوّل النّاس اتّباعًا وإيمانًا بالرّسل، وأنّهم أكثر النّاس تواضعًا ورضًى باليسير وتوجّهًا إلى الله بالعبادة. وعلى الابن أن يجتهد في إرضاء أمِّه ونيل رضاها بكلّ الوسائل، وما أكثرها، وليحذر أن يدفعه عنادُه إلى مقاطعتها وعدم زيارتها واسترضائها، فرضى الوالدين من رضى الرّب وغضبهما من غضب الرّب، وشقيٌّ مَن أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل الجنّة. والله ولي التوفيق.