اهتدى مؤخرا وزير التجارة الغارق في محنة ضبط سعر الزيت والسكر، ومراقبة التسقيف الخاص باللحم الهندي المجمد، ولحم الدجاج الذي ادّخرته دواوين تربية الدواجن لكسر الأسعار التي التهبت مع العد التنازلي لشهر رمضان الكريم، اهتدى إلى حل سحري قال بافتخار بأنه سيقضي بشكل نهائي على غبينة الخبّازين مع الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، ويقيهم الخسائر الكبيرة التي باتوا يتكبدونها جراء الظلمة التي تفرضها عليهم شركة سونلغاز فرضا طيلة كل صائفة، حيث قال بأنه حضّر مقترحا سيقدمه إلى الحكومة، مفاده تمكين هؤلاء الخبازين من قروض ميسرة لشراء مولدات كهربائية تُغنيهم عن خدمات الشركة، ومن ثمّة ''يتهنّى الفرطاس من حكّ الراس'' كما يقول المثل. يُسجل كلام وزيرنا للتجارة في الوقت الذي تحتفل فيه بعض البلدان التي لا تملك بحبوحتنا المالية، ولا احتياطاتنا بالعملة ''السهلة'' والصعبة بمرور عقود كاملة من الزمن دون أن تسجل أي انقطاع للتيار الكهربائي ولو لثانية واحدة، وفي الوقت الذي ظل فيه سكان العديد من البلدان التي تعرضت للقصف الجوي والكوارث الطبيعية، ينعمون بنور الكهرباء دون أي اضطرابات، بينما يضطر قطاع كبير من الجزائريين للخروج إلى الشوارع عن بكرة أبيهم في عزّ ''الصمايم'' للتنديد بانقطاع التيار الكهربائي، رغم أنهم يدفعون قيمة فواتير قصمت ظهورهم، مقابل خدمات تنتهي بهم بتناول وجبة العشاء تحت رحمة الشموع، وقضاء ليال عصيبة دون خدمات المكيفات الهوائية. وزيرنا بموقفه هذا، يكون كالذي سكت دهرا ونطق تفربيعا، ومثله مثل الذي فكّر ثم قدّر إلا أنه لم يوفق في التقدير، فلجأ إلى أنصاف الحلول، والبريكول الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يقدم ولا يؤخر، لأن مشكلة الإضطرابات الكهربائية التي تتكرر كل صائفة يا سيادة الوزير ليست حكرا على الخبازين وحدهم، وإنما أصبحت كابوسا يلاحق ويؤرق السواد الأعظم من الجزائريين إلا الثلة المميزة منهم من سكان منتجع نادي الصنوبر وإقامة الدولة بموريتي.. وبهذا المنطق في منهج الحلول، من غير المستبعد أن نستيقظ ذات يوم بمقترح مشروع شمعة لكل مواطن و'' كانكي'' لكل دار ومُولد لكل زنقة. إن المخرج الحقيقي من ظنك الظلمة، وأي مشكل آخر يتخبط فيه المواطنون، يكمن في إيجاد حلول جذرية بدل تصدير حلول ظرفية لربح الوقت وإخماد أي بؤرة احتجاج، لأن هذا النمط من التسيير سيؤدي مع مرور الوقت إلى تضخم كرة الثلج بكم المشاكل المتراكمة والإنشغالات الموقوتة، وعندها ستأخذ كل شيء تجده في طريقها، ولا ينفع حينها لا مسكنات ولا حتى حلول جذرية. [email protected]