تعيش العاصمة هذه الأيام ندرة في الخبز، خاصة بعد الظهيرة، حيث يزداد الإقبال على الخبز، و تشهد الفترة الصباحية تزاحما على المخابز لأخذ كميات كبيرة خوفا من نفاذه في المساء، كما تعرف محلات بيع ''المطلوع'' طوابير طويلة هي الأخرى بالرغم من ارتفاع سعره، في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء عبر مختلف ولايات الوطن، لا سيما عاصمة الجزائر، في حين يستغل الكثير من الخبازين غير الشرعيين الوضع لبيع الخبز الحامض و''المطلوع'' في الطرقات هربا من فرق قمع الغش. أكد السيد سعيد قبلي الأمين العام لاتحاد التجار و الحرفيين بشأن نقص الخبز في المحلات والمخابز، أن هناك أسبابا كثيرة تقف دون التزود بمثل هذه المادة الحيوية، أبرزها انقطاع التيار الكهربائي عبر العديد من مناطق الوطن وعلى رأسها العاصمة، مشيرا أن هذا الأخير ينقطع لمدة تتراوح ما بين ثلاث وأربع مرات في الأسبوع، وتزيد مدة انقطاعه عن الساعة والنصف، وتأتي فترة انقطاعه في غالب الأحيان في الوقت الذي يكون فيه الخبازون يحضرون عجينة الخبز لصنعه وطهيه، مما يتسبب في ''حموضة'' العجينة التي تبقى أطول فترة دون طهي، وفي هذا الصدد، أكد أحد الخبازين ل ''الشعب'' أنه اضطر لرمي عجينة تزن قنطارا، بسبب حموضتها وتخوفه من طهيها، وبيعها بسبب ملاحقة أعوان مكافحة الغش، وعزوف المواطنين عن شرائه. وأكدت نقابة الخبازين أن مشكل انقطاع الكهرباء عن حوالي 1500 مخبزة في العاصمة، أدى بالكثير من الخبازين إلى تسريح العمال في عطلة قبل شهر رمضان المقبل، حيث يزداد الطلب على هذه المادة الحيوية، وحذرت النقابة من طوابير طويلة على الخبز إذا استمر حال انقطاع الكهرباء وشهر رمضان المبارك على الأبواب. كما طالبت نقابة الخبازين من السلطات تمكين الخبازين من خفض فاتورة الكهرباء، حيث تصل للخبازين بمبالغ مقدرة ب 10 و 12 مليونا، وأكد ممثل عن النقابة أن سعر ارتفاع الخبز زاد دفعة واحدة منذ عام ,1996 وبقيت مادة الفرينة مدعمة من قبل الدولة، فيما ارتفع سعر الكهرباء ب 8 مرات دون أن يقابله أي دعم للخبازين . كما طالبت المؤسسة الوطنية للكهرباء و سونلغاز بالتعويضات عن الخسائر المترتبة عن انقطاع التيار الكهربائي، أو إبرام اتفاقية بين الوزارة الوصية ووزارة المالية والشركة المذكورة، من شأنها إلغاء الضرائب المستحقة عليهم في الأشهر التي تعرضت فيها المحلات للانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي. المطالبة بمنع بيع الخبز خارج المخابز من جهة أخرى، أضاف محدثنا أيضا أن الكثير من الخبازين غير الشرعيين يبيعون الخبز الحامض في الطرقات، هربا من فرق قمع الغش التي تطال المخابز، وتغض الطرف عن بائعي الطرقات، حيث أكد محدثنا بهذا شأن أن اللجنة الوطنية للخبازين المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للتجار والحرفيين، قد طالبت مؤخرا الوزارة الوصية من خلال رسالة وجهتها لها بمنع بيع الخبز خارج المحلات التجارية، وعلى أرصفة الطريق التي لا تراعي فيها أدنى شروط النظافة، لأن ظاهرة عرض مادة الخبز في الشارع، ووضعه في سلات أمام أبواب المحلات أصبحت جد منتشرة. و أوضح محدثنا أن بيع الخبز في المحلات التجارية يهدد صحة المواطنين، خاصة عندما تباع هذه المادة خارج المحلات على حافة الطريق، مؤكدا أنه بات من الضروري وضع حد لمثل هذه التجارة التي اعتبرها غير شرعية، خاصة وأن أسعار الخبز الحالية المعروضة من طرف الدولة على الخبازين هي 8 دج، في حين يباع خارج المخابز ب 10 دج، مشيرا إلى أن هذه الأسعار عرقلت الخبازين في مهنتهم. وشدد محدثنا في هذا السياق على ضرورة إعادة النظر في المكونات الأساسية التي يصنع منها الخبز في الجزائر، مع تأطير عمل الخبازين من أجل تطور جماعي للمهنة على المستوى الوطني، وكذا تحسين الظروف اللازمة للبيع، من أجل تجنيب المستهلك التعرض للأمراض الناجمة عن البكتريا والجراثيم التي يتسبب فيها عرض الخبز على مقربة من أماكن تواجد القاذورات. كما ألح محدثنا على إلزامية إعادة النظر في قانون ,1996 من أجل وضع المعايير الأساسية لصنع الخبز المغذي، و كذا تقنيين عملية صنعه وبكل أصنافه، حتى يتسني متابعة المخالفين للقانون قضائيا، من أجل القضاء على البيع الفوضوي عبر الشوارع من قبل المضاربين والانتهازيين . وفي انتظار شهر رمضان الكريم يدخل السوق الجزائرية ''خبز المطلوع'' وهو الذي تصنعه غالبا ربات البيوت و هنل يطرح مشكل آخر بالنسبة لتنظيم عملية بيعه، حيث أصبح لا يفارق محلات البقالة، والأغرب أنه يباع بأسعار لا تعكس قيمته الحقيقية، حيث يصل ثمن سعر المطلوع إلى 30 دينارا، كما أصبحت جل محلات الأكل السريع تعتمد بنسب متفاوتة عليه، ويكثر الطلب عليه خلال شهر رمضان الكريم، وفي هذا الصدد طالبت النقابة بضرورة مراقبة هذا النوع من الخبز، وفيما إذا كانت صانعاته تحترمن قواعد النظافة.. حتى لا نقول دفع الضريبة، على حد قول نقابة الخبازين. وبين المطلوع والخبز تبقى رهانات المواطنين حول الحصول على ما يسد الجوع، سواء كان يصنع في البيت أو المخبزة. خسائر معتبرة بفعل انقطاع التيار الكهربائي تعاني ولايات الجزائر منذ شهر كامل من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي لفترات طويلة، حيث أدت هذه الإنقطاعات إلى توقف المخابز، مما عطل مصالح المواطنين، فضلا عن توقف نشاط مكاتب البريد التي تكتظ بالزبائن، مما جعلهم ينتظرون ساعات طويلة من أجل صرف مرتباتهم. من جهتهم تكبد، أصحاب الدكاكين خاصة باعة المثلجات والحليب ومشتقاته، خسائر كبيرة نتيجة فساد سلعهم. في حين يبقى أكبر المتضررين من هذه الظاهرة هم أصحاب المخابز الذين اقترضوا من البنوك للمغامرة في هذه الحرفة، ليتفاجأوا بخسائر يومية، في الوقت الذي تطالبهم البنوك بمستحقاتها كاملة ودون تأخير. أما المواطنين، فيشتكي بعضهم من التعطلات التي تعرضت لها أجهزتهم الكهرو منزلية والاليكترونية، نتيجة التذبذب الكهربائي، مضيفين بأنه مهما تنوعت مبررات سونلغاز فهي المسؤولة عن غبنهم، ما دام أنها لا تكلف نفسها حتى عناء إعلان مشتركيها بالانقطاع الكهربائي، حتى يتسنى لهم أخذ احتياطاتهم. سكان العاصمة من بين المتضررين، فمعظم أحياء العاصمة تعرف الإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، حيث تستغرق فترة الانقطاع دقائق أو ساعات متواصلة، الأمر الذي يترتب عليه تسجيل بعض الخسائر. و غالبا ما يثير توقف مكيفات الهواء والثلاجات غضب الزبائن، سواء في المؤسسات أو البيوت، وذلك أثناء النهار، فما بالك عندما يحدث الانقطاع مع حلول الظلام... و في محاولتنا التقرب من بعض الموطنيين، عبّر لنا معظم المستجوبين المتضررين عن مخاوفهم من استمرار هذا الوضع خلال شهر رمضان، وقال هؤلاء إن الصوم في فترة قد تلازمها موجة الحر يعد أمرا صعبا. وحسب محدثينا فإن انقطاع التيار ليس مشكلا إذا حدث مرة في الشهر أو الشهرين، ولكن عندما تسجل انقطاعات بفارق زمني لا يتجاوز العشر دقائق، مثلما يؤكده سكان حي ''مجبر علي'' ببلدية الشراقة غرب العاصمة، طيلة الأسبوع الماضي، فهذا أمر ''لا ينبغي السكوت عنه، وعلى مصالح سونلغاز أن تتحمل مسؤوليتها'' يضيف المعنيون. ويقول سكان حي ''غابة ديكار'' على مستوى دالي إبراهيم، إن انقطاع التيار في الأيام الماضية أدى إلى تعطل فرن المخبزة الوحيدة في الحي، مما اضطرهم إلى اقتنائه من أماكن أخرى، ناهيك عن الإزعاج الذي سببه لهم الانقطاع المتكرر في مساكنهم. نفس التذمر لاحظناه لدى أحياء شرق العاصمة بكل من، الرغاية، براقي، برج الكيفان، وباب الزوار، إلى جانب منطقة عين النعجة الواقعة جنوب العاصمة، أين تعود سكان منذ أزيد من شهر على انقطاع التيار الكهربائي لمدة 18 ساعة من الساعة السادسة مساء إلى غاية منتصف النهار من اليوم الموالي، حيث أثار الوضع تذمر السكان، مما أدى بهم إلى الاحتجاج بالشارع الرئيسي للبلدية. التجارة الفوضوية تتسبب في اضطرابات التوزيع الكهربائي وحسب مصدر من مؤسسة توزيع الغاز والكهرباء، فإن المشكل المطروح على مستوى العاصمة مرتبط بارتفاع حجم استهلاك الطاقة الكهربائية بنسبة 20 بالمائة في ظرف سنة، والحل الوحيد لعلاج هذا الوضع يكمن في إنجاز مراكز كهربائية إضافية ذات الضغط المرتفع والمتوسط، إذا توفرت المساحات الأرضية المطلوبة لذلك، وأوضح مصدرنا أن هذه المشاريع إذا لم تُنجز في أقرب الآجال ستتضرر الشبكة بشكل كبير، كما أن نوعية التموين في حد ذاتها ستتراجع أكثر فأكثر . كما ألح محدثنا على ضرورة تدخل السلطات المحلية، للقضاء على ظاهرة التجارة الفوضوية التي تتسبب في اضطراب التوزيع وارتفاع الأسعار، لما يعرفه من سرقة الكوابل من المنازل المجاورة.