يمتلك المقرئ العيد بن عمار معيزة صوتًا نديًا وإيقاعيًا جذّابًا، صوته المتفرد وهو يتلو القرآن الكريم وخاصة في صلاة التراويح، يجتذب من كلّ حدب وصوب أعدادًا غفيرة من المصلّين وحتّى النِّساء المصليات. كيف كانت البداية؟ - بدأت بحفظ القرآن الكريم الذي أنهيت حفظه وعمري 18 سنة في مسجد النور على يد معلم القرآن عبدالله احميداتو حفظه الله ورعاه، وبعدها اشتغلت بالتعليم القرآني وبترتيل وتجويد القرآن الكريم وتعلّم القراءات من سنة 2000 إلى يومنا هذا. وقد حصلت على الإجازة القرآنية برواية ورش عن نافع بالسند المتصل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومازلتُ مواصلاً في جمع بقية القراءات العشرة من طريق الشاطبية على يد الشيخ عاشور خطراوي بوهران. كما قرأتُ على يدي كثير من معلمي القرآن، وكلّما أسمع بشيخ مقتدر في علم القراءات إلاّ وأتصل به أو أسافر إليه إن كان في منطقة بعيدة، من أجل استكمال ما بدأته في أخذ علم القراءات. من المقرئون الذين كان لهم تأثير كبير على تكوينك؟ - تأثّرتُ في بداية مشواري بعدة شيوخ مقرئين أمثال خليل الحصري وعبد الباسط عبد الصمد ومحمد الصديق المنشاوي ومحمد محمود الطبلاوي والبنا والطوخي وغيرهم، كما تعلّمت الكثير من المقامات ولكنّي استقريت أخيرًا على تلاوة القرآن بمقام ''الرست'' المنسجم مع صوتي. هل شاركتَ في حفلات معيّنة خارج المسجد؟ - نعم، افتتحت ومازلتُ أفتتح العديد من الجلسات والاحتفالات بقراءتي المتميّزة والتي يُقلِّدها حاليًا بعض الشباب الذين تخرّجوا على يدي، علمًا أنه تخرَّج على يدي الكثير من حافظي وحافظات كتاب الله، ومنهم مَن يعمل حاليًا في سلك الإمامة. كما يتم تعييني محكّمًا في مناسبات عديدة وخاصة في المسابقات القرآنية الخاصة بفنون التلاوة وحفظ القرآن. سمعنا بأنّ وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أرسلتك في بعثة إلى فرنسا لإقامة التراويح، ماذا عن سماع القرآن من طرف المسلمين غير العرب؟ - نعم، كان ذلك في سنة 2008 حيث أرسلت في بعثة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف لإقامة صلاة التراويح هناك للمسلمين في مسجد باريس الكبير. وقد نلت إعجاب الأقلية المسلمة والكثير من معتنقي الإسلام الجُدد الذين استشعروا حلاوة القرآن من خلال حُسن أداء التلاوة وكانوا يتهافتون عليّ ويحاولون إسماعي قراءتهم للقرآن فأصحِّح لهم وأوجّهَهُم، حتّى إنّه طلب منّي البقاء في فرنسا لقراءة وتحفيظ القرآن الكريم، ولكن ظروفي الخاصة لم تكن تسمح لي بذلك. ماذا عن واقع المقرئين في بلادنا؟ - أتأسّف كثيرًا لغياب مشيخة في الجزائر للقرّاء والمقرئين، على غرار ما يوجد في بلاد الشام ومصر والحجاز. وأرى بأن أهمية وجود المشيخة تتمثّل في تعارف القرّاء والمقرئين مع بعضهم البعض وتمييز الأسانيد الصحيحة وتحسين التلاوات وتخريج مقرئين كبار مشهود لهم، وكذا منع المتطفّلين الذين يسيئون للقراءة، وهذا حفاظًا على التّسلسل الصوتي المنقول في تلاوة القرآن. أنَا لستُ راضيًا على الواقع الحالي لأنّ كلّ قارئ ومقرئ يقوم اليوم بجهد فردي خاص في قراءة القرآن تلاوة وتجويدًا، بسبب غياب المشيخة وعدم توفّر المعاهد التي تعلّم فنون القراءات.