وصلنا قبل ساعة من بداية البرايم الأول من مسابقة فرسان القرآن، الموعد الذي انتظره ثمانية فرسان منذ بداية انطلاق القافلة في شهر جويلية من هذا العام. كانت الأمطار الترابية التي سقطت قبل بداية البرنامج قد أفسدت الديكور، وأثرت على أجهزة الإضاءة والكاميرات، ما جعل كل التقنيين الموجودين وعددهم قرابة 40 تقنيا صوت، وكاميرا، وإضاءة، يتعاونون على مسح ما علق بالكراسي من أتربة، وتنظيف الأرضية، التي امتلأت بالمياه. وفي ركن خاص وجدنا المترشحين، وقد تجمعوا بالقرب من البلاطو، ينتظرون الإعلان عن البث المباشر الذي كان من قصر الثقافة مفدي زكريا، بالقبة. ساعة من الانتظار، سمحت لنا بالتقرب من كل فارس والحديث معه عن هذه التجربة المشرفة في حياتهم، الجميع كان يردد الذكر الحكيم، والجميع عبر عن هدوئه عملا بقوله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" .... أحمد شاوش: "أخذت القرآن من شيخ فرنكوفوني" أحمد شاوش، 25 سنة، من ولاية شلف، مهندس معماري، شارك في العديد من المسابقات، وفق بين حفظ القرآن وتجويده ودراسته الجامعية، وقال المترشح إن شيخه الذي تتلمذ على يديه الشيخ بن يمينة دومة محمد، كان فرانكفوني الثقافة، وأنه حفظ القرآن بعد سن الستين، وأضاف أحمد أن هذا الأخير ملم بطرق ومناهج تدريس حديثة أخذها عندما كان مدرسا في 1962. وذكر المتحدث أنه يقرأ بقراءة ورش عن نافع بطريقيها الأزرق وورش من طريق الاصبهاني، وبطريقة حفص عن عاصم، ورواية قالون عن نافع. وعن المقامات الخاصة بالمغرب العربي، أوضح أحمد شاوش أنه لا يجب التعصب لإيجاد مقام مشرقي أ مغربي، باعتبار أن القرآن عالمي وأنه تجاوز حدود التراب، مشيرا إلى مقام النهاوند . محمد إرشاد مربعي: "فقدان البصر لم يمنعني من المشاركة" محمد إرشاد مربعي، 19 سنة، من جامعة العلوم الإسلامية بقسنطينة إعاقته في بصره لم تمنعه من دخول هذا الامتحان الجميل والفوز بشرف الاقتباس من نور القرآن في ليالي رمضان الفضيل. وقال المترشح إنه يقرأ القرآن بمصحف البرايت، وأن رغبته في اختبار القدرات في التجويد هي السبب وراء مشاركته في هذه المسابقة، وهو يوجه بمشاركته هذه رسالة إلى الشباب لتعلم القرآن، والاجتهاد في التلاوة، رغم عاهة فقدان البصر. وذكر المتحدث أنه تعلم على يد مشايخ من جامعة قسنطينة، من بينهم عبد الكريم مقيدش، عبد الكريم بوغزالة، ويسمع إلى المقرئين الكبار، مثل محمود خليل الحصري، محمد الصديق المنشاوي، عبد الباسط وسعد الغامدي، وعبد الرحمان السديس، وأضاف قائلا "رغم أني ضرير إلا أني لم يجد أية صعوبات، وعندما تقدمت إلى البرنامج بهذه العاهة لا تعني المسابقة في حد ذاتها بقدر ما هي رسالة إلى الشباب لتعلم القرآن، والاجتهاد في التلاوة". ياسين أعمران .. مقرئ من عمق جرجرة والقبائل منطلق الإسلام أصغر متسابق في "فرسان القرآن"، تحصل على البكالوريا لهذا العام وسجل في كلية الحقوق، واعتبر ياسين أعمران، منطقة تيزي وزو ومنطقة القبائل بصفة عامة محضنا وحصنا للإسلام والدليل كثرة الزوايا في هذه المنطقة، وأضاف معلقا "حتى وإن كانت الحملات التنصيرية وجدت طريقها في هذه المنطقة، ولكننا سنواجهها إنشاء الله". تعلم ياسين القرآن في العاصمة، على يد مشايخ معروفين من بينهم عبد الله كشاوي، إمام في واد أوشايح وأجازه في رواية حفص عن عاصم، وهو يسمع إلى كبار المشايخ المقرئين، وعلى رأسهم مصطفى إسماعيل، عبد الباسط عبد الصمد، الشيخ عيشار. وقال المتحدث إن الوطن المغاربي لديه مقامات مغاربية، ولكنها مقامات أقرب إلى الغنائية، وقال "لو نقرأ بها يخيل إلى السامع بأننا نغني"، وأشار في السياق ذاته إلى الشوط الذي قطعته المملكة المغربية في التلاوة والتجويد واعتبرها مدرسة حقيقية تخرج منها كبار القراء في المغرب مثل عبد الإله مفتاح، عمر قزابري، والشيخ النابلسي. إسماعيل مشنن.. عصامي في التجويد اسماعيل مشنن، إمام متطوع في مسجد أم البواقي، السن 27 سنة، حفظ القرآن في المدرسة القرآنية في المسجد العتيق في عين البيضاء، وتلقى أحكام التجويد من أستاذة، وبعد وفاتها اعتمد على نفسه في إتمام الحفظ، وكان عصاميا في تعلم الأحكام والقراءات والمقامات، من خلال الكتب والاستماع إلى المشايخ الكبار، حيث يستمع إلى الشيخ الخليل الحصري، المنشاوي، الجوهري والغامدي، وهو الآن يؤم المصلين في التراويح بباب الزوار. رابحي محمد من المسيلة السنة الثالثة جامعي، ويسمع للحصري قرأ برواية قالون في البرايم الأول، وهي القراءة التي يتلى بها في منطقة المغرب العربي. عبد الفتاح حميداتو عبد الفتاح جاء من ولاية واد سوف، مدرس، حفظ القرآن، في سن الخامسة عشر بالطريقة القديمة التي تعتمد على اللوح والأدوات والقلم والإملاء من شيخ المسجد، أخذ مخارج الحروف والقراءات من الشيخ الطيب قريشي، وقال "عندما كنا في تربص مغلق على مستوى وزارة الشؤون الدينية للمشاركة في مسابقة دولية، من السعودية، صليت التراويح عدة مرات، شاركت في العديد من المسابقات الوطنية والدولية، وأطمح أن أكون فارس الجزائر في القرآن الكريم". محمد أمين: "أوافق على قرار لجنة التحكيم" فارس القرآن، محمد أمين، قدم من ولاية تيارت، متخرج من جامعة العلوم الإسلامية بوهران، تعلم عن الشيخ حوالف عكاشة في وهران، ولديه إجازة بالسند المتصل برسول الله. ميلود لخضار تعلمت أحكام التجويد سماعا ميلود هو أستاذ بمتوسطة في ولاية سعيدة، تعلم أحكام التجويد في المسجد لمدة أربع سنين، أما المقامات فقد تعلمها عن طريق السمع لقراءات مشايخ كبار، وعلى رأسهم عبد الباسط عبد الصمد. رئيس لجنة التحكيم.. الأس أم أس نستأنس به ولا نأخذ به قال الأستاذ، يوسف سعيدي، متخصص في الأحكام والقراءات في جامعة الخروبة، أن رأي لجنة التحكيم هو الأساس وأن التصويت عبر الرسائل القصيرة، للاستئناس فقط، ولا تأخذ به. وأوضح المتحدث أن "السبب في عدم الأخذ بالتصويت بالرسائل القصيرة، يعود إلى عدم تمكن الناس من قواعد التلاوة والتجويد وأحكامها والمقامات التي تؤدى بها، التي تتطلب التخصص في هذا المجال، لذلك اعتبر أن الاحتكام إلى هذه الرسائل هو إجحاف في حق المتسابق". وأشار رئيس لجنة التحكيم، إلى الصعوبات التي واجهت اللجنة في إعلان حكمها الأخير، في ظل تشابه جميع الأصوات من حيث الجودة، وطريقتها في الإلقاء الصحيح. واعتبر سعدي أن منطقة المغرب العربي كنز يحتوي على كثير من الخامات الصوتية والقدرات في الأداء التي هي بحاجة إلى نفض الغبار وإعادة إحياء بعض مدارس الإقراء التي كان يزخر بها المغرب العربي عامة والجزائر خاصة. كما كانت محطة وقبلة في هذا التخصص، خاصة بلاد القبائل التي كانت محضنا دافئا وفاعلا لطلبة القرآن . مقرىء الأقصى يحضر البرايم الأول، مترشحي سعيدةوالمسيلة يخرجون من السباق الأحوال الجوية تربك سليمان بخليلي، وتؤثر على مسار الحصة شقة و200 مليون للفائز الأول، و200 مليون للثاني و100 مليون لكل متسابق كان الإعداد للبرايم الأول واضحا، أكثر من 40 تقنيا في البلاطو، 8 كاميرات تغطي أركان الساحة، المفتوحة على الهواء الطلق، وبحضور كل من وزير الدولة الممثل الرسمي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، وزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله، ووزير الاتصال عبد الرشيد بوكرزازة والمدير العام للتلفزيون حمراوي حبيب، انطلق البث المباشر على القنوات الثلاث في حدود العاشرة وأربعين دقيقة. البداية كانت موفقة، حيث ساعد تحسن الأحوال الجوية على عودة ملامح الارتياح لدى المترشحين، وكذلك المنتج ومنشط البرنامج سليمان بخليلي، واستطاع المترشحون أداء العديد من المقامات في قراءات ورش وحفص وقالون، كمقام النهاوند، والرصد والحجاز، أمام لجنة التحكيم برئاسة الأستاذ يوسف سعيدي، متخصص في الأحكام والقراءات، عبد الوهاب لعروسي متخصص في الأحكام والقراءات، وعمر شلابي متخصص في المقامات . وما ميز هذا البرايم حضور مقرئ القدس محمد رشاد الشريف كضيف شرف البرايم الأول، حيث أمتع الحضور بتلاواته المميزة في الذكر الحكيم، وتقديم النصائح والإرشادات المتعلقة بطرق تلاوة القرآن. ولكن سقوط الأمطار من جديد، أربك التقنيين الذين سارعوا إلى حجب الأجهزة وتعديل أجهزة الإضاءة والكاميرات وأربكت كذلك المنشط الذي أخلط حتى في تسبيق مترشح على آخر، ولم يأخذ بالترتيب المعلن عنه في الومضات الاشهارية لتسهيل عملية التصويت، ما أثار غضب مخرج البرنامج فؤاد عميور، ولم يقف سليمان بخليلي في ارتباكه عند هذا الحد، بل أصبح يقاطع المترشحين وهم يتلون القرآن، كما قاطع المقرئ وهو يقدم نصائحه للمترشحين، ما جعل مدير التلفزيون يتحدث إليه، ويهدئه ويطلب منه إعلان مفاجأة البرنامج التي كانت برفع جوائز المتسابقين إلى 100 مليون سنتيم لكل متسابق، و200 مليون ستنيم لصاحب المرتبة الثانية، و200 مليون سنتيم للفائز الأول، إضافة إلى شقة مدفوعة التكاليف. وكانت نتيجة البرايم الأول التي عجلت اللجنة بالإعلان عنها نظرا لسوء الأحوال الجوية، إقصاء كل من متسابق سعيدة، ميلود لخضاري، ومتسابق أم البواقي إسماعيل مشنن، وكانت النتائج عكس ما جاء في نتيجة التصويت التي أقصت كلا من ياسين أعمران من تيزي وزو، ومحمد رابحي من المسيلة. وقد عبر ميلود لخضاري، عن استيائه لحكم اللجنة، وقال إن المنظمين أوضحوا لهم أن طريقة الفوز ستتم عن طريق الأخذ بالتصويت وقرار اللجنة ليتفاجأ في الأخير بأن اللجنة لم تراع نسب التصويت، متسائلا عن السبب الذي جعل هذه الأخيرة تقصيه هو وترك مترشح آخر تساوى معه في الملاحظات المقدمة من قبل اللجنة. ولم يسعف الاستعجال في ختم البرايم المنظمين لتقديم باقي مفاجآت الحصة، حيث كان من المفروض أن تشارك المتسابقة بلبكري طيبة، في تجويد آيات من القرآن وكذلك مشاركة أصغر متسابقة، مرت على البرنامج، المترشحة بن يوسف زينب 10 سنوات من مدينة البويرة، تحصلت على المرتبة السابعة في مجموعة الوسط، وكانت أصغر المتسابقين سنا من بين 200 مشارك.