المواطن في الولايات المنتجة غير قادر على شراء كلغ واحد من التمر اتفقت جمعيات حماية المستهلكين مع منتجين كبار للتمور على تحميل الحكومة مسؤولية التدهور الخطير الذي تشهده أسواق التمور في الجنوب بعد أن باتت التمور الجزائرية غير قادرة على منافسة التمور المستوردة، وقال مصطفى خرشان رئيس جمعية ''ايزغيسن'' لحماية المستهلكين في غرداية ''بعد 10 سنوات من تطبيق برامج الاستصلاح الفلاحي بات المواطن البسيط في غرداية أو بسكرة أو ورفلة عاجزا عن شراء 1 كلغ من التمر لأبنائه''، وأشار إبراهيم مرواني أحد أهم منتجي التمور بولاية غرداية، ''لقد تحولت مديريات الفلاحة ومحافظات الغابات بولايات الجنوب إلى إدارات لا علاقة لها بتطوير الفلاحة في الجنوب، وإلا كيف يمكن تفسير أن كل المشاريع التي نفذتها مديرية الفلاحة ومحافظة الغابات بغرداية كانت خارج إطار خدمة الفلاحين''، ودعا المتحدث للتحقيق في مشاريع محافظة الغابات في بلدية سبسب، وأضاف المتحدث ''حصل القطاع الفلاحي في ولايات الجنوب على أكثر من 3 آلاف و200 مليار سنتيم في السنوات ال10 الماضية، أغلبها وجه لزراعة فسائل أشجار نخيل جديدة، وحصل المواطن في الجنوب على نتيجة عكسية هي أن سعر 1 كلغ من الدفلة بلغ 400 دينار في ولايات منتجة للتمور مثل غرداية''. يدفع المواطن البسيط في الجنوب والشمال هذه السنة فاتورة سوء تسيير قطاع إنتاج وتسويق التمور في الجزائر، فرغم الإنفاق الحكومي على برامج زراعة مئات الآلاف من فسائل النخيل، ورغم دعم الفلاحين ومسح الديون، يباع الإنتاج الفلاحي الرئيسي في الجنوب، وهو الدفلة ب3 أضعاف سعر فاكهة الموز المستورد، ومع ارتفاع أسعار التمور إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق هذا العام أكدت الأزمة الحالية بأن الإنتاج الجزائري من دفلة نور الذي يقل عن 80 ألف طن في السنة حسب إحصاءات رسمية غير كاف لتغطية كل من الاستهلاك المحلي وحاجات التصدير. الفلاح يبيع الدفلة ب100 دينار وستستهلك في الشمال ب400 دينار وبالنسبة للسيد محمود عبادي أحد منتجي التمور الرئيسيين في ولاية غرداية، فإن سبب ارتفاع سعر تمور الغرس ودفلة نور هو قدرات التخزين الخاصة بتمور دفلة نور، ولكن كيف يمكن تفسير أن سعر الدفلة عندما تباع من طرف الفلاح لا يتعدى سعرها حسب النوعية ما بين 100 و150 دينار للكيلوغرام الواحد، في حين سيستهلكها المواطن في الشمال هذا العام بما بين 400 و500 دينار، وهو سعر غير بعيد كثيرا عن السعر المعتمد للتصدير مع الأخذ بعين الاعتبار أن دفلة نور التي تسوق محليا ليست من النوعية الممتازة، حيث لا يزيد سعر الجملة الأولي للتمور التي تباع في علب عن 200 دينار للكيلوغرام في الجنوب، ثم يتضاعف سعرها. وفي أغلب المناطق المنتجة للتمور يسيطر عدد من التجار الذين يسمون محليا ''الخراسين'' على السوق، حيث يجري بيع المحصول قبل جنيه في بعض المناطق وبثمن إجمالي للبستان بأكمله. وحسب عدد من تجار التمور في غرداية فإن سعر تكلفة الكيلوغرام من الدفلة بالنسبة ل''الخراس'' لا يتعدى في أسوأ الحالات 30 دينارا، وتباع الدفلة من طرف الخراس لتاجر ثان هو تاجر جملة يبيعها بدوره لتجار الشمال، وفي طول هذه الرحلة يتضاعف سعر الدفلة. وأكدت الأزمة الحالية فشل برامج وزارة الفلاحة في زيادة إنتاج التمور في الجزائر الذي بدأ منذ سنوات ماضية، وكان سيسفر عن تجديد الواحة الجزائرية، ولكن لحد الساعة فإن أكثر من 80 بالمائة من الإنتاج الجزائري من التمور يأتي من الواحات القديمة المعروفة، ورغم أن برامج الاستصلاح الفلاحي في الجنوب قد استهلكت المئات من الملايير، فإن نتائج هذه الجهود لن تكون متاحة قبل سنوات أخرى قادمة حسب مصادر من قطاع الفلاحة بسبب أن فسائل النخيل لا تدخل مرحلة الإنتاج قبل مرور متوسط 7 سنوات على تاريخ زراعتها، وتعاني المحيطات الفلاحية الجديدة من العديد من المشاكل ومن عدم دخول فسائل نخيل ''الحشان'' مرحلة الإنتاج، في حين تموت أعداد هائلة منها في كل عام حسب شهادات لفلاحين من غرداية لأسباب غياب الرعاية والنوعية السيئة من ''الحشان'' المزروع والذي تغيب الرقابة عن سوقه أيضا. الجزائر لا تمتلك إحصائيات دقيقة حول ثروة النخيل كما تغيب بصفة كلية الإحصاءات التي يمكن الاعتماد عليها في مجالات الثروة الوطنية من أشجار النخيل الإنتاج الجزائري من التمور. ويعود ذلك إلى أن الجزائر على مدار 20 سنة على الأقل لم تعرف عملية إحصاء دقيقة لعدد أشجار النخيل الموجود، ولكن المفاجئ هو التضارب في الأرقام بين كل من مديريات الفلاحة في الجنوب التي تقدم متوسط إنتاج النخلة ب30 كلغ من التمور في العام، بينما تقدر منظمات فلاحية عربية ودولية في مواقعها على الإنترنت موقع الجزائر من ناحية متوسط إنتاج النخلة الواحدة في المر تبة ال12 أي في ذيل الترتيب ب19 كلغ كمتوسط إنتاج للنخلة الواحدة في العام. التضارب الأهم في الأرقام هو في تصريحات وزير الفلاحة الذي يتحدث عن إنتاج جزائري من التمور بلغ ما يزيد عن 500 ألف طن في العام، بينما تشير إحصاءات دولية سابقة إلى أن إنتاج الجزائر يبلغ 10 بالمائة من الإنتاج العالمي من التمور المقدر بما يتراوح بين 5,2 و3 ملايين طن في العام، ما يؤكد بأن الجزائر لا تمتلك إحصاءات دقيقة ورسمية حول كمية الإنتاج من التمور.