يبقى المقرئ عبد الغني بلقاسم بالمسجد الكبير بتلمسان، أحد أشهر المقرئين في الجزائر، وتمكّن من خلال صوته الشّجي في قراءة كتاب الله أن يجلب الأنظار ويشارك في العديد من المسابقات الخاصة بحفظ القرآن، الشّيء الّذي جعله يزور أكبر المساجد في العالم الإسلامي، منها جامع القيروان والأزهر. ''الخبر'' التقت به في مقصورة الجامع الكبير لمدينة تلمسان في جلسة رمضانية حميمية فكان معه هذا الحوار. كيف كانت بدايتك مع حفظ كتاب الله عزّ وجلّ؟ لقد كان حفظ القرآن الكريم حلم يراودني منذ الصغر، وقد وفّقني الله تعالى بتحقيق هذه الأمنية، فدخلتُ المدرسة القرآنية في أبي عبد الله الشريف التلمساني الّتي يشرف الشيخ محمد طياش الّذي تتلمذتُ على يديه لمدة سنتين، فحفظتُ القرآن الكريم حفظاً كاملاً، فصلّيتُ بالختمة الأولى في مسجد عثمان بن مضعون بحي سيدي سعيد. شرعتُ في تعلّم أحكام القرآن قبل حفظه على يد الشّيخين العزوني نصر الدِّين، ومحمد آمال، وبعد ذلك راودتني فكرة الحصول على الإجازة بعد حفظ كتاب الله، فاتّصلتُ ببعض المشايخ منهم بومدين بالعريبي الّذي قرأت عليه ختمه إلى صورة الجن ونحن في مشروع إتمام، ثمّ اتّصلت بإبراهيم بلختير متحصل على إجازة في قراءة نافع وابن كثير وحفص عن عاصم، وأخيراً شرعتُ في ختمه ونحن مازلنا في سورة البقرة. ما هي مشاريعك؟ هناك مشروع يخص تجويد القرآن الكريم وقواعده والّتي استنبطتُها من أمّهات الكتب الّتي اعتمد عليها المشايخ قديماً، كابن الجزري في كتابه النشر في قراءاته العشر، ثمّ جاءت مرحلة المشاركة في المسابقات الخاصة بالحفظ أو التجويد، فكانت المرحلة الأولى على مستوى الولاية والّتي تحصلت فيها في غير ما مرّة على المراتب الأولى، فكان ذلك محفّزاً لي للمشاركة في مسابقات جهوية ووطنية فشاركت في المسابقة الوطنية لحفظ القرآن الكريم وتجويده سنة 1999 وكنت من الفائزين الأوائل، حيث تفضّل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمنحه الجائزة في المسجد الكبير بالجزائر العاصمة، وبعد عشر سنوات وبالضبط سنة 2008 شاركتُ في المسابقة الوطنية فرسان القرآن والّتي اختارت 18 متنافساً على المستوى الوطني فكنتُ ضِمنهم، حيث وبفضل هذه المسابقة حصلنا نحن ال 16 متنافساً على رحلات قادتنا إلى أهم المساجد الّتي لعبت دوراً كبيراً في نشر الإسلام ونشر دينه كجامع القرويين وجامع القيروان بتونس والأزهر بالقاهرة، وفي السنة الحالية شاركتُ في المسابقة الموسومة بتاج القرآن وهي نفسها الّتي كانت تحمِل فارس القرآن، حيث فُزت رفقة زميلي بخشي من الغزوات وسنوس من سيدي طاهر، وشاركنا في المسابقة الوطنية بالجزائر العاصمة، كما استدعيتُ مؤخّراً للمشاركة في حصة تبثّها قناة المتوسط الّتي بدأت في بثّ برامجها هذا الشّهر وتسمّى الحصة بفارس القرآن وهي تعتني بتجويد القرآن الكريم لكنّي انسحبتُ منها لظروف تقنية. أيٍّ من المقرئين يُمثِّل لك قدوة؟ هناك المقرئين من الرّعيل الأوّل كالمشايخ خليل الحصري، محمد رفعت، مصطفى إسماعيل ومحمد الصدّيق المنشاوي، ومن الرّعيل الحالي هناك المرحوم محي الدِّين الكردي من قرّاء سوريا، كريم راجح شيخ قرّاء دمشق، السديس، الشريم والحذيفي، كلّ هؤلاء شدّوا انتباهي، وكان لي ولع بالاستماع إليهم لأنّهم يمثّلون مدرسة. هل يمكن أن تخرِّج المدرسة الجزائرية مثل هؤلاء؟ نحن نملك في الجزائر قدرات قوية، تتمثّل في قرّاء كبار إلاّ أنّ بلوغ هؤلاء مستوى كبير وطنياً وعالمياً يتركّز على مشروع كبير وهو إنشاء مشيخة الإقراء في الدولة الجزائرية، تعتني بالقرّاء أوّلاً الأقحاح والأداء الجيّد، وتهتم أيضاً بأهل الإجازة، حتّى يتفرّغ المقرئ للقراءة ويكون له صدى في العالم الإسلامي كما هو الشأن في مصر والسعودية.