منذ البداية، نقف في ''دار أم هاني'' أمام عمل تلفزيوني طويل ومُشتّت، إلى درجة أنه خرج عن نطاق سيطرة مخرجته، حفصة زيناي كوديل، وبدا أن أحداثه تسير بشكل اعتباطي دون مخرج يقف في الكواليس، ليقدّم رؤيته للعمل الذي سقط في ''الفوضوية''، كما لو أن على المتفرّج أن يُلملمه ويُعيد ترتيب شتاته، ليُركّب الصورة الكاملة. ''دار أم هاني'' هو أحد المسلسلات الدرامية القليلة في الشبكة البرامجية الرمضانية للتلفزيون الجزائري، التي غلبت عليها الكوميديا هذه السنة، وهو ما أهّله ليحصد وقت الذروة. لكن العمل المرشّح لافتكاك نسبة كبيرة من الجمهور المتبقي ل''اليتيمة''، قد لن يفتك النسبة ذاتها من المعجبين إن سارت حلقاته المتبقية بالريتم ذاته الذي كان ثقيلا، مُملاّ، ومُفتقرا للحد الأدنى من التشويق والإبداع. ورغم أنه يجمع نخبة من ''نجوم'' الشاشة الصغيرة، غير أن ذلك لم يجعل منه مسلسلا ناجحا. فالممثلة الرئيسية، نوال زعتر، بدت غير مقنعة، ومتكلّفة في أدائها، إلى درجة أفقدتها الصدق. أما عجايمي، فكان مبالغا في انفعالاته وأدائه ''المُمسرح'' لأحد أسوأ أدواره. بينما اكتفت فتيحة بربار بالحضور الشرفي. هذه الملاحظات نُوردها إذا اقتنعنا أصلا بالحكاية التي يقترحها المسلسل، والتي تفتقر لحبكة مقنعة، وإذا اقتنعنا أيضا بالفرضية التي تُروّج لها الدراما الجزائرية، والتي تقول بانعدام أسرة سعيدة في طول الجزائر وعرضها. لغة المسلسل حاولت التموقع في منطقة ''الوسط''، أي عند اللهجة الجزائرية المهذّبة، لكن ذلك لم يؤتِ نتيجة في وجود حوار ارتجالي وغير مدروس، طغى عليه الصراخ، ناهيك عن الأخطاء اللغوية التي يرتكبها الممثلون، والتي تُضاف إلى أخطاء المسلسل التي تبدأ من جنيريك البداية، وتستمرّ إلى جنيريك النهاية، بدليل تعريفه العمل بأنه ''دراما كومدية'' بدل ''دراما كوميدية''. من الناحية التقنية، تدور كاميرا المخرجة بشكل بطيء يصعب احتماله، فاللقطة تستغرق أربع أو خمس دقائق دون أن يتغيّر المشهد، في إطالة لا فائدة تُرجى منها، مع التركيز على زاوية تصوير واحدة. مسلسل ''دار أم هاني'' يؤكد أزمة الدراما الجزائرية، وهو مثال جيد على أن ''الفيلا'' الفخمة والممثلين الكثر لا يصنعون مسلسلا تلفزيونيا متميزا.