- الوضع في الجزائر كئيب وتعيس لا يشجع على العودة إلى بلادنا ولا حتى البقاء فيها - أنصح مسؤولي التلفزيون بالاعتذار واستسماح الجزائريين عن الرداءة - مشروع إنشاء قناة رياضية في الجزائر تجاوزه الزمن - لم نستثمر في التأهل إلى المونديال واكتفينا باستغلاله سياسيا واجتماعيا والصحافة مسؤولة عن الوضعية الكارثية التي آل إليها المنتخب نزل المعلق الرياضي بالجزيرة الرياضية، حفيظ درّاجي، ضيفا على ''الخبر''، وتحدث عن جوانب مختلفة عن الإعلام والتلفزيون والسياسة وحال الجزائر، بأسلوب حمل الاتهام للمسؤولين، مؤكدا بأنه يملك معلومات خطيرة عن التلفزيون، وبأن حال الجزائر متوقف، لا يشجّع على العودة ولا حتى البقاء فيها. تقضي شهر رمضان هذه المرة في الجزائر وليس في قطر، كيف تعيش الأجواء؟ حظيت هذه المرة بفرصة صوم شهر رمضان في الجزائر، وهي المرة الأولى لي منذ التحاقي بالجزيرة قبل ثلاث سنوات. هل ظروف الصيام في قطر صعبة بفعل الحرارة؟ أكيد أن أي شخص يتعوّد على الصيام طوال 30 أو 40 سنة في بلده، يجد صعوبة كبيرة في التأقلم حين يكون مجبرا على صوم رمضان لأول مرة في بلد جديد. أما عن الحرارة، فلا أعتقد بأنها عائق، فأنت لا تشعر بها وليست بالدرجة التي يتصوّرها البعض. هل تلتقي الصحافيين الجزائريين في رمضان أو في غير أيام الشهر الفضيل؟ شخصيا، لا ألتقي كثيرا الإعلاميين الجزائريين المتواجدين في قطر، بحكم طبيعة عملي، فأنا أشتغل عادة في المساء، بينما أغلب الصحافيين يشتغلون في الصباح. هل تعيشون الأجواء الرمضانية الجزائرية في الدوحة؟ هناك جالية جزائرية، وهناك محل يبيع الحلويات التقليدية الجزائرية، مثل قلب اللّوز. لكن، لا يمكن أن نعيش الأجواء الرمضانية الجزائرية سوى في الجزائر. كيف وجدت الجزائر بعدما جرّبت الغربة؟ قبل أن أذهب إلى قطر، لم يكن يراودني الشعور بأن حالنا متوقف. وحين رأيت بأم عيني تقدّم قطر واستثماراتها، وهو البلد الذي لا يتعدى عدد سكانه 400 ألف نسمة ولديه أجانب يفوق عددهم المليون ونصف المليون، اقتنعت بأن الجزائر توقفت تماما، رغم الإمكانيات البشرية والمادية والخيرات الكثيرة. وأتساءل مثلا عن عدم تمكن 273 مليار دولار من تحسين حال الناس وتقديم تلفزيون محترم. ما تعليقك حول تراجع الجزائر بعد تألقها في المونديال؟ أعتقد جازما بأن الإعلام منح لاعبي المنتخب الوطني أكثر من حقهم، وصوّرهم أبطالا بعد المونديال، وأرى بأننا وضعنا اللاّعبين في ثوب غير ثوبهم، ومنحناهم أكثر من حجمهم الطبيعي. كما أننا لم نستثمر في التأهل، واكتفينا باستغلاله سياسيا واجتماعيا. تنتقد الإعلام وقد كنت من بين الذين ركبوا الموجة ووصف اللاّعبين بالأبطال خلال تعليقك على المباريات؟ لم أركب أي موجة، ولم أمنح اللاّعبين أكثر من حجمهم، بل كنت أعلق على مباريات المنتخب كجزائري. ولو كان أي شخص في مكاني في تلك اللّحظة، لعلّق على المباراة بنفس الطريقة. لكنك وصفت اللاّعبين بالأبطال وبالمحاربين أمام إنجلترا في الجزيرة مثلما فعلت بعض العناوين الصحفية المسماة متخصصة؟ لم أصفهم بالمحاربين، ويمكن التأكد من ذلك، لكن قلت بأنهم أبطال عندما تأهلوا إلى المونديال وفي كأس أمم إفريقيا. وحين أقول بأن الصحافة لها دور في تراجع المنتخب، فأنا أتحدث عن الفترة التي أعقبت المونديال، لأننا خلال كأس العالم كنا جميعا نناصر المنتخب بغض النظر عن كل السلبيات، ولا يمكن لأي أحد أن ينكر بأننا أدينا مونديالا محترما ولم نخيّب ولم نجلب العار للكرة الجزائرية. ألا تفكر في العودة للعمل بالجزائر؟ يمكن أن أعود غدا، ويمكن أيضا أن أبقى في قطر عشر سنوات. يبدو أن عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمشروع القناة الرياضية من أسباب رفضك العودة؟ كان بالمقدور أن ينجح مشروع القناة الرياضية في الجزائر سنة 2000 حيث لم يكن هناك قنوات رياضية كبيرة، والجزيرة الرياضية ظهرت في .2003 لكن اليوم في 2011 لا يمكن للقناة الرياضية أن تنجح، ولم يعد أمام التلفزيون سوى طرح قناة شبابية تهتم بالشباب والفن والرياضة، لأن مشروع القناة الرياضية في الجزائر تجاوزه الزمن. خطابك ونظرتك للتلفزيون تغيّرت؟ الحقيقة أن التلفزيون بلغ أدنى درجات الانحطاط المهني والأخلاقي. ففي رمضان الماضي، أمر رئيس الجمهورية وزير الاتصال بالاعتذار للجزائريين على الرداءة، وأنصح بدوري المسؤولين الحاليين بالإسراع في طلب الاعتذار من المشاهد الجزائري على البرامج الرديئة. وهل تظن بأن هناك من يتابع برامج التلفزيون الجزائري؟ في مصر وفرنسا وإيطاليا وفي كل دول العالم، تجد المشاهدين أوفياء لقنواتهم الوطنية، إلا في الجزائر، وهناك من يذهب في تحليله إلى تفسير ذلك على أنه تفتح، لكن الواقع هو هروب من الرداءة. ألا ترى بأنك لم تنتقد التلفزيون إلا بعد رحيل صديقك حمراوي حبيب شوقي؟ أنا لا أنتقد التلفزيون لأن حمراوي رحل عنه، ولا أتحدث اليوم عن الصحفيين أو العاملين، لأن التلفزيون كان أفضل بنفس التعداد واليوم تراجع. الحقيقة أن الجزائر لا تملك تلفزيونا عموميا قويا، وحين تكون القناة الأم ضعيفة، فكيف يمكن التفكير في الأولاد، وأعني بهم القنوات المتخصصة. أين الخلل في رأيك؟ في التسيير، وهناك جوانب أخرى تسبّبت في تدهور أوضاع التلفزيون، وأنا أعرف بعض الجوانب بحكم خبرتي، لدي معلومات خطيرة حول ما يحدث في التلفزيون، لو علم بها الشعب، لحلت كارثة. كنت على دراية بتلك النقائص والتزمت الصمت، بل كنت مسؤولا حتى، واليوم ظهرت هذه الحقائق، ألا ترى بأن تغييرك المفاجئ يحمل عدة دلالات؟ ليس تغييرا مفاجئا، إنما كنت دائما أتحدث مع حمراوي ومع الزملاء عن التلفزيون ومشاكله، وتعلمنا أن نكون قساة على أنفسنا أكثر من قسوة الآخرين علينا، وكنا ننتقد بعضنا البعض حين كنت مسؤولا. لكن كلامي لم يخرج عن نطاق مبنى التلفزيون، بحكم مهنتي ومنصبي. لكنني أصبحت اليوم مواطنا حراّ، ويمكنني أن أتحدث عن التلفزيون وعن كل شيء بكل حرية. التونسيون والمصريون يشكلون لوبي في الجزيرة الرياضية، فلماذا أنتم مشتتون؟ برأيي، لا أحتاج من الناحية المهنية للوبيات حتى أضمن البقاء في منصبي، ويمكنني تقديم خدمة لصحفي جزائري بعيدا عن الجانب المهني، لكنني لن أكون بحاجة إلى لوبيات. لماذا تتحاشى الجزائريين حين يتصلون بك هاتفيا في حصص الجزيرة الرياضية؟ لأنني أشعر أحيانا بالحرج لأنهم يخلطون بين حديثهم معي في السابق في القناة الوطنية وبين الجزيرة الرياضية، خاصة حين يقولون ''صحة حفيظ، واش راك، لاباس...''. هل تفكّر في ممارسة السياسة؟ لن أمارس السياسة، فالجزائر تعيش اليوم وضعا كئيبا وتعيسا لا يشجّع على السياسة. فرغم أن الجزائر تزخر بقدرات مادية وبشرية غير موجودة في بلدان أخرى، إلا أن الانطباع السائد هو أن كل شيء متوقف، ولا أحد مرتاح لهذا الوضع، فكلنا نشعر بالتعب، وهو حال لا يشجّع على العودة إلى الجزائر ولا حتى البقاء فيها، وهو أمر خطير يجب أن ينتبه إليه المسؤولون ويتداركوه قبل فوات الأوان.