إذا كان طبق ''شوربة الفريك'' عند عائلات سوق أهراس من الأطباق الرئيسية على موائد الإفطار مع قطع البوراك المحشي بأنواع من الأطعمة المعلبة وحشائش المعدنوس، فإن تحضير الكسكسي بالحليب أو اللبن، والمسفوف المعد بالزبدة والمحلى بالزبيب وغيره من الفواكه المجففة، يشكل الأطباق المفضلة لدى أغلب الصائمين في السحور. لكن الهاجس الأكبر هو بالنسبة لسيدات المطبخ اللواتي لا يجدن تحضير تلك الطباق، حيث قد يعشن أوقاتا عصيبة، خوفا من ردود فعل أزواجهن وعدم رضاهم عن نوعية الأكلات، واتهامهن بالتقصير في إعداد الأطباق الشهية. ويصدر هذا خاصة عن كبار السن والأزواج الذين يحنّون للأكلات التقليدية، حيث يشترطون العودة لعادات الجدات في تحضير المأكولات الدسمة للسحور، ك''الغرايف'' (البغرير) و''العصيدة'' المحضرة من الدقيق والزبدة، والتي تتطلب إلى جانب ذلك مهارة في طريقة تحضيرهما وطهيهما على نار هادئة. وإذا ما حدث العكس، تندلع الخلافات الحادة بين الزوجة وزوجها، خاصة إذا تزامنت الأكلة مع حضور الضيوف من الأهل والأقارب، حيث يفترض أن يتباهى الزوج بما تقدمه الزوجة من مأكولات شهية. والغريب في سلوك عديد الأزواج أنهم يشترطون في رمضان ما تشترطه المرأة أثناء فترة الوحم، فكثيرا ما نسمع عن قضايا غريبة ومناوشات تحدث داخل البيت العائلي، بسبب أكلة اشتهاها الزوج أو حتى الأبناء، لكنها لم ترق لهم في النهاية، وهذا التصرف يصفه الناس بوحم الرجال في شهر رمضان، بالنظر لكثرة اشتراطاتهم على صاحبة المطبخ لأكلات معينة، لا لشيء إلا لأنها خطرت على بالهم أو سمعوا بإعدادها لدى عائلات الأصدقاء ويريدون أن يكون لهم شرف التلذذ بطعمها. كما يعمد الكثير من الرجال وتحت تأثير ما يعبر عنه عند عامة السكان ب''حشيشة رمضان''، إلى مشاركة المرأة في المطبخ لأول مرة في السنة، ليس لمساعدتها على التخلص من فوضى الأواني أو تنظيفها فحسب، بل لمراقبتها أثناء إعداد الأطباق وإبداء الرأي فيها، بل قد يتدخل في طريقة تحضيرها، الأمر الذي يثير أحيانا سخط المرأة وغضبها. كما أن بعضهم يفضل إعداد البريك والبوراك بنفسه، إرضاء لذوقه من جهة وتضييعا للوقت من جهة أخرى.