من أبرز الفتاوى الّتي شاعت في أوساط شباب الانتفاضة والاحتجاجات في مصر واليمن وليبيا طبعاً، إلى جانب خطب وفتاوى يوسف القرضاوي وبعض أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فتوى الداعية حاكم المطيري الكويتي الّذي اعتبر قتلى الثورات العربية شهداء خرجوا لثلاثة أسباب في نظره إمّا دفع ظلم واجهوه، أو لتغيير منكر، أو لإعانة مظلوم. وقد تبع هذا نقاش حول مواضيع مرتبطة بذلك، مثل التّغسيل والتّكفين، في حين يرى سلفيون آخرون وبعض مشايخ التّصوف أنّهم ماتوا ميتة جاهلية لأنّهم تخلّوا عن البيعة، وهُم مثل الخوارج والحرورية الّذين كُفّروا في عصر الإسلام الأوّل، هكذا سوف تمترس بعض الأنظمة العربية بالسّلفية العلمية الّتي لا ترى جواز الخروج عن الحاكم وتُشجِّع ''الفتاوى حسب الطلب''، ونكون أمام فتنة جديدة تعيدنا إلى فضاء التّكفير والتّفسيق وتتغلّب منهجية التّقسيم للتيارات الإسلامية، وتصبح مقولة ''الفرقة الناجية'' فارغة من الدلالة، لأنّ كلّ فرقة تدّعيها، كما أنّ ما ستسفر عنه هذه التّحولات سيعيدنا إلى مربع الصراع بين الإسلاميين من جهة ''السّلفية الامتثالية'' الّتي لا ترى الثورة والمعارضة العنفية في مواجهة ''السّلفية الجهادية'' وصراع هؤلاء مع ''الإخوان المسلمين'' و''المتصوفة'' من جهة أخرى، كما سيشتدّ الصراع مع العلمانيين والليبراليين، ويكون لحضور النص الديني وتأويله تأثيرا سلبيا على تطور نقاش سياسي وثقافي حضاري مدني، يُعلي من قيمة وقداسة القرآن الكريم والسُنّة النّبويّة، وواقعي لا يهدر الحاضر والمستقبل في قياسات آلية.