يشتكي سكان التجمعات السكنية من تأخر وصول البريد في وقته. هل للأمر علاقة بنقص عدد السعاة؟ برأينا، المشكل ليس في العدد، لأنه كلما أحيلت مجموعة من السعاة على التقاعد، استخلفت بعناصر جديدة من الشباب. المشكل الحقيقي في التوسعات العمرانية التي صاحبت المشاريع الكبرى للإسكان، فقد لاحظنا بأن معظم هذه الأحياء تسميتها رقمية وتفتقد لصناديق البريد، الأمر الذي يعقّد من مهام ساعي البريد. وهناك صعوبات أخرى في الوصول إلى المناطق النائية والأرياف. والحل إذن؟ الحل بالدرجة الأولى في يد السلطات. ولكن إدارة بريد الجزائر وضعت تحت تصرف المواطنين والمؤسسات صناديق بريد خاصة على مستوى مكاتب الأحياء، تؤجر بقيمة 800 دينار وبمفتاح شخصي يسلم للمعني، في انتظار إيجاد حل نهائي للمشاكل المطروحة. يعتقد الكثير بأن التطور التكنولوجي سيقضي على مهنة ساعي البريد مستقبلا، ما رأيك؟ أبدا، لن تختفي مهنة ساعي البريد، وهي ليست في طور الانقراض، والدليل أن الدول المتقدمة لم تستغن عن السعاة رغم الاستخدام الواسع للبريد الإلكتروني، وساعد في ذلك تمسك شعوب هذه الدول بثقافة بعث الرسائل عبر البريد. والحقيقة أن الجزائر كانت إلى وقت قريب تعرف حركية كبيرة في البريد، تصل إلى حوالي 50 مليون طرد ورسالة، وينبغي الاعتراف بأن تطور وسائل الاتصال ساهم في تقليص هذا العدد. معظم السعاة يتنقلون عبر الأحياء مشيا على الأقدام، أليس هذا عامل إرهاق إضافي؟ هناك نظام معمول به في هذا الإطار، إذ أن السعاة الذين يتنقلون إلى الأرياف أو المناطق النائية يتم تزويدهم بدراجات هوائية وأخرى نارية، كما أنهم يستخدمون نقل المؤسسة بحسب حجم البريد الذي يفوق أحيانا طاقة ساعي البريد. ويجب الاعتراف بأن الأخير هو الوحيد الذي يحظى بثقة المواطنين من بين أعوان باقي المؤسسات العمومية.