{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ من ضُر}. سيّدنا أيوب عليه السّلام من ذرية إبراهيم عليه السّلام على وجه التّحقيق، لقوله تعالى في معرض الحديث عن إبراهيم {ومِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وأَيُّوبَ وَيُوسَفَ وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين..}. ابتُلي أيوب عليه السّلام بلاءً شديداً في أهله وبدنه وماله، ولكنّه كان مثالاً للعبودية الحقّة لله تعالى، فصبر على ذلك حتّى أصبح يُضرب به المثل على الأذى، فيقولون ''صبراً كصبر أيوب''، وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليه بقوله: {إنا وجدناه صابراً نِعم العبد إنّه أواب}. وكان أيوب عليه السّلام من الأغنياء، صاحب ثروة ومال وبنين، وكان يملك أراض واسعة وحقولاً وبساتين، وقد ابتلاه الله بالنِّعمة والرّخاء، فآتاه الغنى والصحة وكثرة الأهل والولد، فكان عبداً تقياً ذاكراً شاكراً لأنعم الله عليه، لم تفتنه الدنيا ولم تخدعه. ثم اتبلاه الله بسلب النعمة، ففقد المال والأهل والولد، ونشبت به الأمراض المضنية المضجرة، فصبر على البلاء وحمد الله وأثنى عليه، ولازال على حاله من التّقوى والعبادة والرضى عن ربّ، ثمّ نادى ربّه {ربّ إنّي مسني الضرّ وأنت أرحم الرّاحمين}، فأجاب الله دعاءه، وكشف بلاءه، وأوحى إليه أن يضرب برجله الأرض، فضرب الأرض فتفجّر له منها الماء البارد، فأمره أن يشرب منه ويغتسل، فشفاه الله، وعاد أكمل ما كان صحّةً وقوّة. وقد عاش أيوب عليه السّلام 93 سنة، ورزقه الله المال والبنين، وقد ولد له 26 ولداً، منهم واحد يسمّى (بشرا) الّذي يقول بعض المؤرّخين إنّه (ذو الكِفل) الّذي ذكره القرآن ضمن الرسل الكرام. بتصرف، من ''النبوة والأنبياء'' للصابوني