قدرت مصالح الأمن الجزائرية قطع السلاح الخفيف والمتوسط، التي تم نهبها من معسكرات الجيش الليبي في الأشهر السبعة الأخيرة وتم تهريبها إلى دول الساحل عبر الصحراء، بالمئات، ما يجعل مهمة مكافحة الإرهاب في الساحل أكثر تعقيدا. قال مصدر أمني ل''الخبر'' إن القيادة العسكرية في خمس دول، هي الجزائر ومالي والنيجر وبوركينافاسو وموريتانيا، قررت اعتماد سلسلة إجراءات أمنية وعسكرية جديدة لمواجهة التدهور الأمني في المنطقة منذ اندلاع الحرب الليبية، وهدفها هو تدمير شبكات الإمداد اللوجيستي لإمارة الصحراء عبر عمليات أمنية وعسكرية مكثفة في المثلث الحدودي المشترك، لمواجهة تسلح ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب بأسلحة جديدة مهربة من ليبيا. وتقرر غلق كل المنافذ السرية الحدودية وتدمير أي عربة أو سيارة تتسلل عبرها فورا، وقررت مالي والنيجر تسيير دوريات في مسالك جبلية في وادي زوراك، وهو موقع التسلل الأهم بين الدولتين، وعرق الشباشب بين الجزائر ومالي وموريتانيا، وحشد المزيد من القوات قرب الحدود المشتركة مع ليبيا. وأشار تقرير أمني جزائري إلى أن مئات القطع من السلاح الخفيف والمتوسط وصلت إلى أيدي تجار غير شرعيين وإرهابيين في الساحل. ومن هذه الأسلحة بعض قذائف الكاتيوشا الصاروخية الروسية. وأدى هذا الوضع، حسب تحقيقات أجهزة الأمن، إلى انخفاض سعر الأسلحة الفردية في المنطقة، حيث انخفض سعر سلاح كلاشنيكوف من 700 أورو في بداية العام إلى 400 فقط مؤخرا، أما 25 طلقة ذخيرة خاصة بسلاح كلاشنيكوف فقد انخفض سعرها من 10 أورو إلى 4 فقط. وتوفرت في الساحل أسلحة جديدة منها القذائف الخفيفة وصواريخ غراد الروسية، وأنواع عدة من أجهزة التحكم في المتفجرات. وكشف التحقيق مع مهربي أسلحة تم ضبطهم في ولاية تمنراست قبل عدة أشهر، بأن قادة الجماعات الإرهابية في شمال مالي يطلبون المتفجرات والقذائف الصاروخية وصواريخ غراد الروسية ذات المدى البعيد، لكن ثقل هذه الصواريخ صعب من مهمة نقلها إلى شمال مالي ورفع سعرها إلى 50 ألف أورو للقطعة الواحدة. ورغم الصعوبات واتساع الحدود الجنوبية، فقد نجحت قوات الجيش والدرك الجزائرية في استرجاع 480 قطعة سلاح مهربة من ليبيا، في الأشهر الأخيرة، من رشاشات أم بيكا وكمية هامة من المتفجرات. وكشفت مصادر ''الخبر'' بأن قوة الجماعات الإرهابية المنتمية لما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب قد تضاعفت في الأشهر الأخيرة، نتيجة عدة عوامل أهمها التحاق عدد كبير من الليبيين بالتنظيم وتهريب كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر وأجهزة التفجير والاتصال، وغياب الأمن والفوضى التي تسببت فيها الحرب، حيث تحول جنوب ليبيا إلى منطقة مفتوحة يمكن للخارجين عن القانون التحرك فيها بكل حرية ودون أي قيد. وتؤكد المعطيات الجديدة بأن دول الساحل الثلاث المعنية مع الجزائر بمكافحة الإرهاب في المنطقة، وهي موريتانيا ومالي والنيجر، لن تصبح قادرة على مواجهة سطوة الجماعات الإرهابية التي تسلحت جيدا وحصلت على معدات عسكرية لم تكن تحلم بالحصول عليها في السابق. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الجزائر أعدت دراسة أمنية مع قاعدة بيانات تتضمن كمية الأسلحة التي اختفت في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، منذ اندلاع القتال في ليبيا قبل أكثر ممن 7 أشهر، لعرضها على عدة دول معنية بمكافحة الإرهاب في الساحل وعلى المستوى العالمي، من أجل الوصول إلى مخطط أمني جديد يضمن أمن دول الساحل، خاصة الفقيرة منها مثل مالي والنيجر وموريتانيا وبوركينافاسو.