خاضت النقابة الوطنية للقضاة معركة كواليس داخل الاتحاد الدولي للقضاة، وعادت من اجتماع عقد في إسطنبول التركية بالعضوية الكاملة، رغم تحفظات إسرائيل وبعض الدول الأسكندنافية، التي تحججت إما بوجود عامل الإرهاب أو طبيعة النظام السياسي. أكملت النقابة الوطنية للقضاة ملفها للانضمام للاتحاد الدولي للقضاة بتصويت ثلث الأعضاء الحاضرين في جمعية عامة عقدت في الثامن سبتمبر الجاري لصالح انضمامها كعضو عادي، واستغرق الأمر أمام النقابة خمس سنوات كاملة لتتبوأ العضوية، إثر حرب كواليس طويلة تسببت فيها إسرائيل، صاحبة الحظوة الكبيرة في الاتحاد، بالإضافة لبعض دول شمال أوروبا (السويد والدنمارك) صاحبة الباع الطويل في مجال حقوق الإنسان والتي بنت مبرراتها على ''الإرهاب'' الذي تعتقد أنه ما يزال يعصف بالجزائر. وسرد جمال عيدوني، رئيس نقابة القضاة، أمس، في ندوة صحفية بمقر النقابة في الشرافة بالعاصمة، بعض كواليس جلسة التصويت التي في العادة تتم بالاقتراع العلني، لكن ''بعض الدول طلبت التصويت السري في جلسة ضمت نقابة قضاة الجزائر، لكن ممثلي نقابة فرنسا عارضوا بشراسة التصويت السري ووصفوه بالتمييزي، وكان لهم فضل في عضوية نقابة القضاة''. وفي الأخير حصلت الجزائر على تصويت ثلاثة أرباع الدول التي شاركت، أي 38 صوتا من مجموع 52 دولة، مع الإشارة أن عدد الدول المشاركة في الاتحاد هو .75 وأوضح جمال عيدوني أن التقرير الذي أعد عن الجزائر بعرض تسجيل عضويتها العادية (كانت عضوا غير عادي) ب''الإيجابي جدا''، وقد سئل عن الشروط الواجب توفرها لقبول عضوية نقابة قضاة جديدة، فقال: ''يدرسون الأمر بدءا بالنظام السياسي السائد في البلد وعلاقة القضاء بالسلطة الحاكمة وسريان صلاحيات السلطات الثلاث''. وذكر أن مقررين ''زاروا الجزائر أربع مرات وأعدوا تقريرا مكن التصويت لصالح الجزائر''. كما أوضح أن نقابة القضاة أجابت عن 49 سؤالا تتصل دائما بالنظام السياسي واستقلالية القاضي وكيفية التدرج الأكاديمي للوصول إلى منصب قاض، ومدى أمن القضاة والمحاكم (هنا كانت حجة السويد والدنمارك) حيث رأت أن القضاة مهددون، لكن عيدوني قال إن تقرير العضوية يوضح حجم الإجراءات الأمنية في صالح القضاة (كاميرات مراقبة) وحول المحاكم والمجالس القضائية في عدد من الولايات. وعن سبب إصرار نقابة القضاة، سنوات طويلة، من أجل تحصيل مقعد ''عضو عادي'' في الاتحاد الدولي للقضاة، أوضح عيدوني أن ''النقابة اليوم بإمكانها مناقشة التقارير التي تعد حول الجزائر داخل الاتحاد من موقعها كعضو''، كما أن ''الاتحاد الدولي يمتلك مقاعد استشارية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومقعدا استشاريا أيضا في لجنة حقوق الإنسان في جنيف التابعة للأمم المتحدة، وأيضا مقعدا استشاريا آخر في منظمة اليونسكو''. وذكر عيدوني أن النقابة استغلت فرصة جمعية إسطنبول للمشاركة في لجنة حول تهريب السلاح عبر الحدود لتستعرض إشكالية ليبيا وما تتعرض له حدودها الجنوبية من تهريب أسلحة. من جهة أخرى، وصف عيدوني دعوة الأحزاب السياسية لإشراف القضاء على العمليات الانتخابية لاحقا واستجابة الحكومة لذلك ضمن ما يعرف ب''قوانين الإصلاح'' على أنه ''اعتراف باستقلالية القاضي الجزائري''، وقال إن 4200 قاض يعملون عبر جميع الولايات يمكنهم تأدية مهمة الرقابة وفقا لما ينص عليه القانون بعد خروجه من البرلمان. ولم يشأ عيدوني أن يرد على انتقادات فاروق قسنطيني، أمس، التي قال فيها إن القاضي الجزائري لم يأخذ بتقرير إصلاح العدالة.