يعترف وزير الاتصال، ناصر مهل، بعجزه، وهو المسؤول الأول عن الإعلام الثقيل، عن التحكم في مؤسسة التلفزيون العمومي، التي وصف برامجها بالرديئة. بل يقول إنه يحق أن ''يبكي مع الجزائريين على المستوى الذي وصل إليه منتوج التلفزيون''. ووعد وزير الاتصال، بمناسبة نزوله ضيفا على ''فطور الصباح''، بتحسين أداء مؤسسة التلفزة. وقال إن رئيس الجمهورية أعطاه الضوء الأخضر لإجراء إصلاحات فيها. وتناول صحافيو ''الخبر'' مع مهل عدة قضايا متصلة بمشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام، في جوانبه المتصلة بتحرير الإعلام السمعي البصري من احتكار الدولة وبملف الإشهار العمومي، والمنظومة العقابية التي تضمنتها المسودة التمهيدية لقانون الإعلام قبل إلغائها في اجتماع للحكومة. قال: ''من أنا حتى أكون ضد إصلاحات رئيس الجمهورية؟'' مهل يكشف بأن بلعيز هو من اقترح حذف السجن من قانون الإعلام دافع وزير الاتصال، ناصر مهل، عن مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام، الذي أثارت مسودته التمهيدية الجدل بسبب ما تضمنته من عقوبات بالسجن ضد الصحفي. ورد على الانتقادات الموجهة له من موقعه صاحب المشروع: ''لا أحد يزايد عليّ في مجال الحريات، فقد دافعت عن حرية الصحافة حتى في وقت الحزب الواحد''. على خلاف ما يراه قطاع واسع من أهل مهنة الصحافة، يقول وزير الاتصال، الذي نزل ضيفا على ''فطور الصباح''، إن مشروع قانون الإعلام الذي صادق عليه مجلس الوزراء ''يتوفر على ضمانات لفائدة الصحافة المكتوبة، فهو يكفل حرية التعبير، ولا أوافق الرأي الذي يقول إنه قانون ينفي الحريات''، ثم أضاف: ''أقول لمن يروج لهذا الطرح الخاطئ: هل عيّنك الإله مدافعا عن الحريات؟.. لقد أصبح لدينا أبطال للأمازيغية وأبطال للعربية وآخرون يدافعون عن الإسلام''. ولم يوضح مهل المستهدف بكلامه، لكن من الواضح أنه منزعج من ردود الفعل حيال المشروع التمهيدي قبل تعديله في اجتماع الحكومة، بحذف المواد التي تهدد الصحفي بالسجن. ويذكر وزير الاتصال أن المشروع الذي أعده، هو باكورة اجتماعات طويلة مع مهنيين ومحامين وقضاة جرت في العاصمة وقسنطينة ووهران. وتم الاعتماد، حسبه، على مضمون الاستشارة التي أجرتها هيئة المشاورات مع الأحزاب والتنظيمات والنقابات والشخصيات. مشيرا إلى أن ''80 بالمائة من ملاحظات الأطراف التي أخذت هيئة بن صالح رأيها في قانون الإعلام متضمنة في مشروع القانون''. وحرص مهل على التأكيد بأن وزارته أخذت من قانون الإعلام 1990 أهم ما تضمنه من إيجابيات. وأبدى مهل استياء من كتابات صحفية، جاء فيها أن مشروعه يتعارض مع وعود رئيس الجمهورية برفع التجريم عن جنح الصحافة في إطار الإصلاحات، إذ قال: ''من أنا حتى أكون ضد إصلاحات الرئيس؟ أنا لست ''زورو''.. هل أنا زعيم حزب حتى أعارض إصلاحات الرئيس؟ أنا في النهاية خادم الدولة''. وكشف مهل بأن وزير العدل، الطيب بلعيز، أبدى موقفا معاديا لإدراج عقوبة الصحفي في قانون الإعلام، عندما عرض المشروع على اجتماع الحكومة. ونقل مهل عن بلعيز سجن الصحفي يتكفل به قانون العقوبات، ولا داعي حسبه لإضافته إلى قانون الإعلام. ومن المعروف أن الصحافيين يطالبون بأن يحكمهم قانونهم وليس أي قانون آخر، خاصة قانون العقوبات الموجه ضد اللصوص والمنحرفين والسراق. واعترف مهل بأن المشروع التمهيدي تضمن فعلا مواد تضمنت عقوبة السجن للصحفيين ''لكنه لم يكن سوى نص تمهيدي خاضع للتعديل، وقد تم تعديله في اجتماع الحكومة، وما كان هناك داع للضجة التي أثارتها الصحافة حوله، بينما حاولت أطراف استغلاله سياسيا''. ونفى وزير الاتصال تعرضه للتوبيخ من طرف الوزير الأول، أحمد أويحيى، بسبب قضية السجن في المشروع، حين قال: ''أقسم بالله إن ذلك غير صحيح، وتأكدوا أنني آخر شخص سيبتهج بسبب دخول صحفي السجن''. ويعيب مهل على قطاع من الصحف تعاملها مع مشروعه وكأنه قانون مصادق عليه، بينما لا يزال مشروعا. ودعا ضيف ''فطور الصباح'' إلى ''وقف البزنسة في الإعلام''. وطلب من مهنيي القطاع تنظيم أنفسهم تحسبا لاختيار 7 أعضاء يمثلونهم في سلطة الضبط التي يستحدثها القانون الجديد. واعتبر الوزير نفسه ''أول المدافعين عن شرف المهنة وعن أخلاقياتها، وأنا أول من يقف ضد التمييز بين الصحافيين والعناوين الصحفية، وضد تقديم تحفيزات للبعض دون البعض الآخر''. ''سنضع حدا لبيع الرخص والبزنسة في قطاع الإعلام'' أكد ناصر مهل حرصه الشخصي على الحفاظ على المال العام واسترجاع أموال المطابع العمومية. وأشار إلى أن مطبعة الشرق مثلا استرجعت 97 بالمائة من ديونها لدى الصحف. وأضاف بأنه لن يدخر جهدا في هذا المجال، ''فأنا مسؤول عن استرجاع الأموال العمومية التي هي أموال الشعب''، مؤكدا على أن ''عملية استرجاع المطابع لديونها مستمرة، ومطبعة الوسط مثلا حققت أشواطا كبيرة في هذا المجال''. وأكد ناصر مهل عزمه على وضع حد لفوضى النشر في بلادنا من خلال منع بيع رخص إصدار الصحف الجديدة والقضاء على ظاهرة البزنسة. وذكر في هذا الخصوص بأن معلومات بلغته بأنه تم التنازل عن رخصة مقابل 7 ملايير سنتيم. وينص قانون الإعلام الجديد على منع التنازل عن الرخص لطرف ثان وبطلان الرخصة في حالة عدم إصدار النشرية في حدود 90 يوما. انتقد التأخر في الاتصال المؤسساتي العمل بسلم الأجور الجديد للقطاع العام بداية 2012 اعترف وزير الاتصال، ناصر مهل، بتخلف بلادنا في مجال الاتصال المؤسساتي. ويرجع ذلك، في رأيه، إلى نقص التكوين وغياب تصور على مستوى الدوائر الوزارية للمسألة. وقال في رده على ملاحظة صحفيي ''الخبر'' بخصوص غياب ناطق باسم الحكومة ومتحدثين باسم قطاعات وزارية يمكن أن يخاطبهم الصحفيون عند الحاجة بتسجيله: ''نحن متخلفون في هذا المجال''. وأضاف ضيف ''فطور الصباح'': ''سبق لي وأن شاركت في نقاش نظمته التلفزة الجزائرية في 2005 حول الموضوع، وكنت أشغل حينذاك منصب مدير عام لوكالة الأنباء الجزائرية، وسجلت هذا النقص ومن ذلك غياب متحدثين رسميين باسم القطاعات الحكومية''. قبل أن يضيف بأنه أعد اقتراحات وجهت للحكومة بعد توليه منصبه ''وستتخذ خطوات لمراجعة الأوضاع''. وأشار أيضا إلى أن مشروع القانون الجديد ينص على حق الصحفيين في الوصول إلى الخبر. ولم يخف وزير الاتصال طموحه في تصحيح أوضاع القطاع في بلادنا، وقال: ''سأحاول تحقيق تقدم في تطوير القطاع ولكي تسترجع هذه المهنة نبلها''. وأضاف: ''يجب أن نحافظ على المهنة وندافع عنها في مواجهة الانحراف.. يجب أن نحميها وننظم أنفسنا''. وأعلن وزير الاتصال عن التوقيع على اتفاقية مع المدرسة العليا للصحافة لتكوين صحفيين جزائريين. وأوضح بأنه تم تخصيص ميزانية في قانون المالية لسنة 2012 بقيمة 400 مليون دينار(40 مليار سنتيم) لتكوين الصحفيين الجزائريين من القطاعين العام والخاص: ''ما أتمناه هو أن يحصل كل الصحافيين على تكوين''. وأوضح وزير الاتصال بأنه يجري وضع اللمسات الأخيرة في سلم أجور العاملين في القطاع العمومي، ومقرر أن يبدأ العمل به بداية السنة الجديدة. وذكر محدثنا بتشكيل لجنة ضمت ممثلين عن النقابات وممثل عن المركزية النقابية مختص في هذا المجال، إضافة إلى ممثل لوزارة العمل لإعداد نظام الأجور الجديد. وقال مهل: ''لست ضد رفع الأجور وقد استفاد قطاع الإعلام العمومي فعلا من زيادات تبعت الحركة الاحتجاجية الأخيرة في بعض المؤسسات''. وذكر بأن صحفيين من القطاع الخاص اقتربوا منه يوم افتتاح الدورة الخريفية وأبلغهم بأنه يأمل في أن يأخذ الناشرون الخواص بالنظام الجديد للأجور. فتح السمعي البصري للقطاع الخاص الرئيس منحني ''ورقة بيضاء'' لتطهير التلفزيون من الرداءة حسب رأيي فإننا قد نرى قنوات خاصة في 2012 كشف وزير الاتصال، ناصر مهل، أن ''الرئيس بوتفليقة منحني ورقة بيضاء، الإثنين الماضي، لمراجعة وضع التلفزة الوطنية''. وقال: ''إن كنت العام الماضي اعتذرت للجزائريين فإني اليوم أبكي معهم''، كما نفى وجود أي تصور مسبق تفضله الحكومة إزاء مشروع فتح السمعي البصري: ''الشيء الذي أستطيع تأكيده أن المشروع سيكون مفتوحا للخواص''. أما عن الأجندة الزمنية فأوضح ''حسب رأيي فإننا قد نرى قنوات خاصة في .''2012 وأعطى ضيف ''فطور الصباح'' انطباعا بأن الحكومة لم تفصل في الخيارات المتاحة أمامها حول الصيغة المحتملة لفتح مجال السمعي البصري أمام الخواص. وأمام مجموعة من أسئلة ''الخبر''، لم يشأ مهل إلا تأكيد أمر واحد ''السمعي البصري سيكون مفتوحا للخواص''. وقبل ذلك يطرح ''ضرورة جمع معطيات، ولحد الآن هناك مشروع قانون عضوي متعلق بالإعلام أي قانون إطار، ثم يأتي القانون العادي الخاص بالسمعي البصري''. وسئل مهل عن الصيغة التي ستقترحها وزارته على الرئيس بوتفليقة بشأن كيفية فتح السمعي البصري، فأجاب قائلا: ''القرار الأخير سيكون لمجلس الوزراء، وقبل ذلك قد تطلب منا الحكومة إعداد اقتراحين أو ثلاثة اقتراحات مختلفة عن كيفية إطلاق قنوات بوجود رأسمال خاص''. وكأنما يقدم مهل تطمينات للجهات التي تترقب المشروع، أفاد يقول: ''في جميع الأحوال ما هو مقترح للإعلام يدخل ضمن إصلاحات سياسية نعمل جاهدين على منحها المصداقية الكاملة''. وعن الجدول الزمني المسطر لإعداد قانون السمعي البصري، الذي يؤسس للقاعدة القانونية للقنوات الخاصة، ذكر وزير الاتصال: ''سنباشر في إعداده نهاية الشهر الجاري، ومن الممكن جدا أن يعرض على البرلمان خلال الدورة الخريفية الحالية بعد مصادقة مجلس الوزراء''. وأضاف بخصوص الأسئلة الكثيرة المطروحة عن نوايا السلطة في السماح للخواص بالاستثمار في السمعي البصري: ''يا جماعة، اتركونا نعمل ولا يجب استباق الأحداث''. ولفت إلى أن دفتر الشروط الذي سيعد بمعزل عن القانون لينظم القنوات الخاصة ''سنشرع فيه قريبا، وقد استعنا بأحد الكفاءات الجزائرية في مجلس السمعي البصري الفرنسي وهو رشيد أعراب''. وسألت ''الخبر'' ناصر مهل عن سبب بقاء الأمور على حالها بخصوص برامج التلفزة الوطنية رغم انتقاداته لها العام الماضي وطلبه الاعتذار من الجزائريين فقال: ''إن كنت العام الماضي طلبت من الجزائريين الاعتذار، فإنني اليوم سأبكي مع الجزائريين على حال التلفزيون''. وفضل مهل أن ينطلق في تفسير ذلك من البداية قائلا: ''دعونا نتفق، أنا وزير منذ عام ومن الصعب التكفل بكل شيء في ظرف قصير لأني لست وزيرا للتلفزيون فقط''. وكشف مهل عن تلقيه ما سماها ''الورقة البيضاء''، الإثنين الماضي فقط، من رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، والتي تمنحه جميع الصلاحيات لمباشرة ''تطهير'' في التلفزيون. وذكر: ''لما أتيت وجدت نظاما لم يعجبني في التلفزيون، وقلنا هيا ننطلق في تنظيم جديد، مشكلة التلفزيون في العقليات وهي معششة في بعض العقول''. وقال مهل: ''أنا أعترف بأني كنت عاجزا عن جعل الأمور تتطور في التلفزيون''، وأضاف: ''وصلتني أمرية، الإثنين الماضي، من السيد الرئيس ومنحني ورقة بيضاء وكلفني بمهمة لإصلاح الوضع''. ولا ينفي مهل وجود كفاءات مهمة داخل المؤسسة، لكنه يفتح بالمقابل ملفا أكثر تعقيدا قائلا: ''البعض يرى التلفزيون البقرة الحلوب، وقد سمعت بأسعار بعض الأعمال التي اشترتها المؤسسة (قريب دخت) لذلك على المنتجين من الآن فصاعدا وضع أيديهم في جيوبهم''. وختم: ''يهمنا أن نرى منتوجا ذا مصداقية ونشرة مصورة تستقطب الجزائريين''. ''الدولة ستموّل مجلس أخلاقيات المهنة'' قال ناصر مهل إن الدولة ستتولى، في مرحلة أولى، تمويل المجلس الأعلى لأخلاقيات الصحافة، وتوفير مقر له ''حتى لا يلقى نفس مصير مجلس أخلاقيات المهنة الذي يرأسه زبير سويسي''، ثم أضاف: ''رئيس المجلس الحالي زبير سويسي اشتكى لي من أن أحد أسباب عدم نشاطه يتمثل في التمويل ورفض الناشرين المساهمة فيه''. وقال وزير الاتصال: ''استفسرت الناشرين عن المسألة وأبلغوني بدورهم بأنهم لا يريدون أن تذهب الأموال في مآدب الطعام في تبريرهم لعدم دفع الأموال''.