من غير المنطقي أن يتعلل بعض الأدباء بانعدام مساحة الحرية في بلادهم، كي يكونوا بكل هذه السلبية تجاه شعوبهم التي تنتظر منهم وميض ضوء من أقلامهم، ينير لهم عتمة الطريق نحو الحرية. لم يحدث في أي مرحلة من مراحل تاريخ البشرية أن سلطة قمعية خجلت على نفسها، وحملت على كتفيها كيسا مملوء بورود الحرية لتطرق أبواب الناس، وتوزعها عليهم بطيب خاطر. وليس من المبرر أن يستجدي المثقفون الحرية كالعازفين المتسولين، الذين يستدرون عطف المارة بمشاعر فيها من الخنوع أكثر ما فيها من الرومانسية. وبالمقابل، ليس مطلوبا من المثقف أن ينتزع حريته بحزام ناسف، فهناك طرق سلمية كثيرة للتعبير عن الرأي ولتوعية الناس، وتعليق قناديل الوعي على عتبات أبوابهم المتعبة من قهر السنين. المطالبة بالحرية سلميا، اليوم، هو فرض عين وليس فرض كفاية، وعلى الأنظمة التي تستمرئ القمع وأن تدرك بأنها لن تحمي نفسها بالقمع والتنكيل وتكميم الأقلام، بل إن سبيلها الوحيد للنجاة يكون بالعدالة الاجتماعية وبالديمقراطية، فمن مصلحتها أن تترك الناس يفرغون ما في صدورهم من كلام، لأن الكلمة إن احتقنت في الصدور.. انفجرت. [email protected]