يستعد المرشدون التابعون لبعثة الحجّ الرسمية والوكالات الخاصة الّذين سيرافقون قوافل الحجّاج إلى البقاع المقدسة، من أجل تسهيل أمورهم وتقديم أفضل الخدمات وتوعيتهم وتعليمهم أحكام مناسك شعيرة الحجّ من خلال المحاضرات الدينية والتثقيفية. لاشكّ أنّ المرشدين يختلفون في الطرق والوسائل الّتي يحقّقون بها دعوة الحجّيج وتعليمهم أحكام دينهم وخاصة المتعلّقة بمناسك فريضة الحجّ، إلاّ أنّ رأس الأمر يكمُن في الخُلُق الحَسَن لهذا المرشد، ولذلك ينبغي أن يكون على وعي تام بأهمية التّعامل الحسن وتدريب النّفس وتربيتها على ذلك، لأنه سيختلط بكمٍّ غفير من النّاس، حيث أنّهم يختلفون في طِباعهم وأساليبهم. ولكي ينجح المرشد في تعامله مع حجّاج بيت الله الحرام، لابدّ من إصلاح النِيَّة: من أهم الأمور الّتي ينطلق من خلالها أيّ مرشد في دعوته هو النيّة الصّالحة، وتصفيتها ممّا يشوبها، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ''إنّما الأعمال بالنِّيات وإنّما لكلّ امرئ ما نَوَى'' أخرجه البخاري ومسلم. ولاشكّ بأنّ صلاح النية من إحدى علامات قبول العمل، وتذكَّر هذه الآية دائماً عندما تتعامل مع النّاس في الحجّ قول الله تعالى: ''لاَ خَيْرَ في كثيرٍ مِنْ نجواهُم إلاّ مَنْ أمَرَ بصدقةِ أَوْ معروفٍ أو إصْلاحٍ بَيْنَ الناسِ وَمَنْ يَفْعلْ ذلكَ ابتغاءَ مرضاتِ اللهِ فسوفَ نُؤْتيهِ أَجْراً عظيماً''. الدعوة بالحِكمة: يقول الله تعالى: ''ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْموْعِظَةِ الْحَسَنَة وَجَادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِه، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمهتَدِينَ''. فقدّم الله عزّ وجلّ الحِكمة على الموعظة الّتي يُريد أن يصِل بها المرشد لحاج بيت الله، لأنّ الحِكمة هي مدار قبول الموعظة. إصلاح ما بينَك وما بيْن الله: صلاح المرشد وتقواه من أهم العوامل الّتي تصلح ما بينك وما بين النّاس، فالله عزّ وجلّ إذا أحبّ عبداً وضع له القبول في الأرض، فيحبّه النّاس ويألفونه، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً نادى جبريلَ أنّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحِبُّهُ، فَيُحِبُّهُ جبريلُ، فينادي جبْريلُ في أهْلِ السّماءِ أَنَّ اللهَ يُحِبَّ فُلاناً فَأَحِبّوهُ فَتُحِبُّهُ أَهلُ السَّماءِ، ثم يُوضَع لَهُ القَبولُ في أَهلِ الأرضِ'' رواه البخاري. أحبّ له كما تُحبّ لنفسك: إنّ الحاج في فترة الحجّ يحتاج إلى مَن يرعاه ويبصّره ويراعي ظروفه وطبيعته، فكما أنت تريد حجًّا مبروراً فهو يُريد ذلك، وعامِلْهُم كما تحبّ أن يعاملوك به وأجرُك على الله، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتّى يُحِبَّ لأخيهِ ما يُحبُّ لِنَفْسِهِ''. أشْعِر الحاج باهتمامك: لابدّ أنْ تُشعِره باهتمامك، لأنّ أقسى شيء على الإنسان أن يشعُر بالتّهميش وعدم الأهمية، يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''أحبُّ النّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهم للنّاسِ وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ سرورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلمٍ''. أشْكُر حجّاجك: ''مَنْ لَمْ يَشكرِ النّاسَ لمْ يشكرِ اللهَ''، فإذا شكرتَ النّاس على صنيعهم شكرك الله وشكرك النّاس، وزادت محبّتك في قلوبهم، ودام الودّ والألفة وحسن التّواصل بينك وبينهم. تهادوا تحابّوا: الهدية لا تكون إلاّ بمعناها وليس بثمنها، وحينما تهدي لمَن أحببته ورغبتَ منه التّواصل، وشعرتَ بتأثيرك عليه فإنّ ذلك يترك أثراً طيّباً.