في السابق كان للزعماء وللشخصيات السياسية البارزة، فلسفة ورؤية فكرية، وكانت لديهم مقولات تتناقلها الأجيال على سبيل الحكمة، بل إن بعض هذه المقولات أصبح فيما بعد نهجا سياسيا وحتى عسكريا وثقافيا. بدءا من مقولة أبي طالب: ''للبيت رب يحميه''، وعمر المختار صاحب المقولة الشهيرة ''نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت''. أو حتى لو كانت عبارة انتشرت على سبيل المداعبة، مثل مقولة سعد زعلول لزوجته كدلالة على عدم الجدوى: ''غطيني يا صفية مفيش فايدة''. لكن الواضح اليوم، أن معظم الشخصيات السياسية، لم يعد لديها هذه الحكمة، ولا تمتلك فلسفة محددة، ولا نعرف مقولة لسياسي من العصر الحديث تصلح لأن تكون نهجا أو مثالا يخلد. وكل ما نسمعه في الخطاب السياسي هو عبارات إنشائية وحماسية، تدغدغ مشاعر وعواطف العامة، وتعزف على وتر بساطتهم وتضفي على صاحب الخطاب هالة يخشع في حضرتها الانتهازيون أو تنطلي على السذج من القوم. ولا ننسى أن في بعض الدول العربية، على صعيد الحياة البرلمانية على الأقل، كانت هناك ديمقراطية أكثر من الآن، ما يتطلب من السياسي أن يكون لديه برنامج مقنع للناس في سبيل الوصول إلى عقولهم لا إلى جيوبهم.. أما اليوم، فلا يحتاج الأمر لإقناع الناس، لأكثر من.. دبابة!