فضل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عدم التعاطي مباشرة مع النداءات التي وجهت إليه من قبل أحزاب سياسية وشخصيات برلمانية تدعوه إلى إنقاذ إصلاحاته من الالتفاف عليها، ورمى بالقضية في ساحة المجلس الدستوري المطالب بإجراء قراءة على مدى دستورية القوانين ال6 التي صادق عليها المجلس الشعبي الوطني، وهو ما يفهم منه إحراج مسانديه وفي مقدمتهم الأفالان والأرندي. رد رئيس الجمهورية، من خلال البيان الصادر عن مجلس الوزراء، بأن ''الحكومة كانت في الموعد، إذ أودعت مجمل مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات لدى مكتب البرلمان''، مشيرا إلى أن ''البرلمان منكب حاليا بكل سيادة وديمقراطية على استكمال بته في مشاريع القوانين هذه بما فيها القوانين العضوية التي ستعرض على المجلس الدستوري لإصدار رأيه بشأنها''. هذه الرسالة التي حرص رئيس الجمهورية على توجيهها للطبقة الحزبية تؤشر أن الرئيس قد وصلته نداءات الأحزاب المطالبة بإجراء قراءة ثانية لمشاريع قوانين الإصلاحات، مثلما جاء ذلك على لسان لويزة حنون وزهرة ظريف بيطاط وغيرهما، غير أن الرئيس لا يريد بنفسه التدخل في صلاحيات السلطة التشريعية التي صادقت على تلك المشاريع كما ذكر ''بكل سيادة وديمقراطية''. وأمام هذه الضغوط الحزبية الممارسة على القاضي الأول في البلاد، رمى رئيس الجمهورية الكرة في مرمى المجلس الدستوري المنتظر منه إخضاع القوانين العضوية، على غرار الإعلام والجمعيات والأحزاب والانتخابات وتمثيل المرأة وحالات التنافي، إلى مداولات لمعرفة مدى ''دستوريتها''، وبالتالي عدم تعارضها مع الدستور. ويمكن خلال وصول القوانين المذكورة إلى المجلس الدستوري، أن تغير فيها مواد أو تحذف أخرى أو تعدل ''إذا رأى أعضاء المجلس الدستوري عدم مطابقتها مع مواد الدستور'' الذي يعتبر أسمى قوانين الجمهورية. وحتى وإن كان إبداء المجلس الدستوري رأيه في دستورية القوانين العضوية، يعتبر تحصيل حاصل، لأن الدستور ينص على ذلك صراحة في مادته 165 الفقرة الثانية ''يبدي المجلس الدستوري، بعد أن يخطره رئيس الجمهورية، رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان''، إلا أن حرص عبد العزيز بوتفليقة على تذكيره بذلك في بيان مجلس الوزراء يغذي الانطباع أن الرئيس، مثلما لم يرد إدارة ظهره كليا إزاء أصحاب ''القراءة الثانية'' لقوانين الإصلاحات، وخصوصا تلك المتعلقة ب''كوطة المرأة''، لا يريد أيضا إغضاب نواب الأغلبية، الأفالان والأرندي، اللذين صوّتا على تلك القوانين التي ''ألهبت'' المعارضة. لكن المجلس الدستوري الذي دُعي بطريقة أو بأخرى للفصل بين أحزاب السلطة وبين أحزاب المعارضة، في مدى دستورية القوانين العضوية ال,6 يوجد في حالة شغور منذ 25 سبتمبر الماضي، بعدما انتهت عهدة رئيسه بوعلام بسايح، دون أن يعيّن خليفة له، وهو ما يجعل مداولاته غير شرعية بدون وجود رئيسه.