يستأنف المجلس الشعبي الوطني، غدا، جلساته بعرض للتصويت على مشروع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية الذي حظي باهتمام، خصوصا من طرف الأحزاب التي تنتظر حصولها على الاعتماد من طرف وزارة الداخلية، عقب إيداعها ملفات منذ عدة أشهر أو سنوات. يبدأ نواب الغرفة السفلى للبرلمان، ابتداء من غد الثلاثاء، في التصويت على الحزمة الثانية من مشاريع قوانين الإصلاح التي بادر بها رئيس الجمهورية، والتي تخص مشروع القانون العضوي للأحزاب السياسية ومشروع قانون الجمعيات، وأخيرا مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام (يوم الأربعاء). وتراقب الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بالخصوص مصير التعديلات الكثيرة التي أودعتها لدى اللجان المختصة، بغية إثراء وتغيير مشاريع الحكومة، بحيث تم تقديم 92 تعديلا من طرف النواب بخصوص قانون الجمعيات و132 تعديل بشأن قانون الإعلام الجديد، وذلك من باب أن ما جاءت به الحكومة لا يستجيب لسقف المطالب المطروحة من طرف منظمات المجتمع المدني أو من قبل الأسرة الإعلامية. وكانت الأحزاب المتواجدة في البرلمان، وخصوصا المعارضة منها، قد انتقدت الحزمة الأولى من مشاريع قوانين الإصلاح المتمثلة في قوانين الانتخابات وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وحالات التنافي للعهدة البرلمانية. واتهمت صراحة حزبي الأفالان والأرندي ب''إفراغ'' إصلاحات رئيس الجمهورية من محتواها، وبأن المجلس الشعبي الوطني ''أجهض'' مقترحاتها، بحيث دعت زعيمة حزب العمال رئيس الجمهورية للتدخل لإنقاذ إصلاحاته التي تعرضت للتعويم، وطالب رئيس حركة حمس، الذي امتنعت حركته عن ''التصويت'' على المشاريع السابقة، إلى تنظيم استفتاء بعدما لاحظت أن الإصلاحات ''حزّبت'' والسقف الذي مرت به في البرلمان لا يستجيب لما جاء في خطاب رئيس الجمهورية لشهر أفريل. وبالرغم من الضغوط التي مارستها الأحزاب، ومنها تلك التي قدمت ملفات اعتمادها وهي تنتظر رد وزارة الداخلية، إلا أنه لا ينتظر تغيير في التوجه العام لدى الأغلبية المهيمنة على البرلمان الذي يعمل على ''فرملة'' طموحات المعارضة، والسعي لجعل هذه الإصلاحات تصب في صالحه، وذلك تحسبا لموعد الانتخابات التشريعية المقبلة التي توصف ب''الهامة''، لكونها المحدد للتعديل القادم للدستور الذي يضبط العملية السياسية بكل أبعادها. وتكون التصريحات التي أطلقها وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيان، الذي وصف الإصلاحات الداخلية في الجزائر ب''المشجعة''، قد أثلجت صدر السلطة وفكت عنها الخناق الداخلي، خصوصا أن موقف باريس مؤثر في موقف بقية الشركاء في الخارج الذين يتابعون العملية السياسية في الجزائر عن قرب، ومن ذلك نواب الاتحاد الأوروبي الذين طالبوا قادتهم بالضغط على الجزائر لتنفيذ ما وصفوه ب''إصلاحات جادة''، وعدم مقايضة النفط بالديمقراطية. وتكون نتائج الانتخابات التي فاز بها الإسلاميون في الدول التي عرفت ''ثورات'' وراء تخفيف الدول الغربية من ضغوط مطالبها واختيارها الترقب والحذر.