تحقق المفتشية العامة للمالية في صفقات تجهيز أكثر من 90 مؤسسة تربوية بأثاث صيني هش، تم فوترته على أساس أنه ''من النوعية الرفيعة''، في الوقت الذي اشتكت وزارة المالية وتجري تحقيقات موازية، للوقوف على الخروقات التي بلغت قيمتها ملايير الدينارات، ب15 مديرية تربية، ثبت بأنها ترمي سنويا المئات من الكراسي والطاولات التي لم يمر على اقتنائها ستة أشهر. وأفادت مصادر ''الخبر'' بأن الفضيحة تم اكتشافها بناء على عدة شكاوى من طرف مدراء المؤسسات التربوية بالولايات ال15، حيث تبين بأن الطاولات والكراسي التي جهزت بها المدارس الابتدائية والإكماليات والثانويات، لم تعد صالحة للاستعمال بعد أقل من ستة أشهر من اقتنائها. وتحولت هذه المؤسسات إلى ''مقبرة'' للكراسي والطاولات التي يكون خشبها صيني المنشأ ومن النوعية الرديئة جدا، وتصل قيمة صفقاتها بالملايير على أساس أنها ''ذات نوعية رفيعة''، حيث يتم الاتفاق مع الشركات الممولة المختصة في تصنيع الأثاث المدرسي على توفير نوعية رديئة بنفس سعر الأثاث ذي النوعية الجيدة، من أجل الحصول على علاوة ورشوة مقابل ذلك. وتدقق فرق المفتشية العامة للمالية مع مدراء التربية في 15 ولاية، من بينها الجزائر العاصمة بمديرياتها الثلاث وسطيف وبرج بوعريريج وعنابة ووهران وعين تموشنت وورفلة وسوق أهراس والمدية. وتتابع نفس الفرق كل الفواتير والصفقات المبرمة والتدقيق في مدى تطابق ذلك مع نوعية الأثاث المدرسي، الذي تم تجهيز المؤسسات التربوية الجديدة به بما لا يقل عن 3 ملايير سنتيم بالنسبة للابتدائيات و6 ملايير سنتيم بالنسبة للإكماليات والثانويات، وكذا ما تم توفيره فعلا من أثاث وهل يتطابق مع القيمة المالية المحددة في أزيد من 90 مؤسسة تربوية. ويتم استيراد الخشب الهش من نوع ''ريزين'' والذي يتلف بسرعة، من الصين بأسعار منخفضة مقارنة بالخشب الأحمر، خصوصا أنه مصنوع ببقايا نجارة الخشب ويتم طلاؤه لتحسين الطبقة الخارجية. وينتج عن تصنيع الأثاث المدرسي بهذا النوع من الخشب، إدراج عمليات تجهيز مع كل دخول مدرسي، بالنظر إلى تحطم المئات من الكراسي والطاولات. ولا يقف الأمر عند تورط مدراء التربية في الصفقات المشبوهة، بل يمتد إلى رؤساء البلديات الذين يتكفلون بتجهيز المدارس الابتدائية، ويتم في كل مرة التعامل مع نفس المصانع المختصة في الأثاث المدرسي. ومن بين الملفات المفضوحة تجهيز ثانوية بالجزائر العاصمة، بأثاث هش لا يصلح للدراسة وتم رمي مئات الوحدات منه في ظرف ستة أشهر، واستعان المدير بالأثاث القديم بعد احتجاج التلاميذ والأساتذة حتى لا تكشف القضية، مع العلم أن صاحب الشركة الممولة، هو أحد أقارب مدير تربية بولاية مجاورة. وحذرت وزارة التربية من أن يتم التلاعب بملفات التجهيز، وأصرت في آخر تعليمة لها على ضرورة احترام النوعية الجيدة للأثاث خصوصا الخشب الأحمر، واختيار النوعية الجيدة للأثاث المصنوع بالخشب المستورد من نوع ''ريزين''، دون النوعية الرديئة منه المصنعة في الصين ببقايا نجارة الخشب، وألحت على ضرورة أن يتم إحصاء كل المؤسسات التربوية التي يتكرر فيها سيناريو تحطم الأثاث.