يرفض محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة، التصنيف الذي يضعه في التيار الإسلامي. ويرى البعض بأن أفضل دليل على أن حزبه ليس إسلاميا، كون مساعي التقريب بين الأحزاب الإسلامية لدخول الانتخابات بقوائم ترشيحات موحدة، لم تشمل حزب الحرية والعدالة. ويطرح محمد السعيد، أثناء نزوله ضيفا على ركن ''فطور الصباح''، ظاهرة المال السياسي ودوره السلبي في تحديد توجهات الناخبين عن طريق شراء الذمم، ويرى بأن تغيير الحكومة الحالية بأخرى تكنوقراطية محايدة تحسبا للانتخابات، لن يحقق بالضرورة نزاهة الاقتراع، ما لم تتوفر إرادة سياسية حقيقية تتيح للناخبين اختيار ممثليهم في البرلمان. وحذر بالمناسبة من ''انفجار إذا وقعت خيبة أمل'' بمناسبة الانتخابات.
ترشحت لرئاسيات 2009 من أجل تأسيس الحزب ''التجربة السياسية منذ الاستقلال تقرّ باستحالة أن يحكم الجزائر تيار واحد'' قال محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة، إن ''الجزائر لا يمكن أن تحكم بتيار سياسي واحد'' وقدم موقفه الناتج عن خلاصة تجربة الجزائر منذ الاستقلال، وشدد على أنه ''لابد من توافق القوى السياسية وإشراك الجميع في إدارة البلاد''. ورفض محمد السعيد وضع حزبه في ''خانة تصنيفات معينة''، في رد على سؤال إن كان حزبه إسلاميا أم ديمقراطيا أم وطنيا أم أنه خليط، وقال إن التصنيفات السياسية ''فكرة مستوردة من الغرب وتم إسقاطها على واقعنا''. وأشار ضيف ''فطور الصباح'' إلى أن الحزب الذي أسسه ''نتاج دراسة لتجربة استغرقت 50 سنة، من الحزب الواحد، الأفالان، الذي كان القوة السياسية الوحيدة المنظمة، التي أقصت غيرها من التيارات، إلى غاية سنة 88 التي شهدت مظاهرات ضد ''احتكار السلطة''. وأضاف محمد السعيد ''لما دخلنا التعددية، وجدنا أن القوة السياسة الوحيدة التي كانت مهيأة للحكم هي ''جبهة الإنقاذ'' لكنها لم تستفد من تجربة الاحتكار التي تبناها الأفالان وحاولت هي الأخرى احتكار الحكم، وقد أفزعت الناس بخطاب مخيف استلزم تدخل المؤسسة العسكرية، لتأتي بعدها قوة أخرى تتكون من خليط ''ديمقراطي'' أقصى التيار الإسلامي والوطني إلى غاية العام .2000 وحذر محمد السعيد من الاستمرار في احتكار السلطة، وقال إن إدارة شؤون البلاد، لا يمكن أن يقصى فيها أي تيار معين، و''أي إقصاء بمثابة تهديد لاستقرار البلاد''. وأكد أن حزبه ''يسعى لأن يكون إطارا تنسجم فيه القوى التي تؤمن بالقواسم المشتركة، ولا يقصي أحدا، ففيه البعد الوطني والإسلامي والديمقراطي والحداثي''. وفي رده على سؤال: ما الذي يفرق حزبه عن باقي الأحزاب؟، رد المتحدث ''لدينا نية في بناء حزب يفعل ما يقول على أن يحاسبنا الشعب في الميدان، بينما آخرون كانت لهم تجربة طويلة ولم يقدموا أشياء ونحن نستفيد من أخطائهم''. ويرى محمد السعيد أنه حقق هدفا من ترشحه في رئاسيات أفريل 2009، هو الترويج للحزب، وقال إنه من البداية لم يكن يطمح إلى الفوز بالرئاسيات، لأنه يعلم أن الأمور حسمت بتعديل الدستور العام 2008، وقال ''سبق أن قلت إن النتائج لا تهمني وصارحت المواطن في ذلك على أن هدفي هو تأسيس حزب''. وتعليقا على النتائج في تلك الفترة قال محمد السعيد ''لم يحصل واحد من المترشحين الخمسة على تلك النتائج المعلنة''، وتابع ''شعرت بالحياء أمام الخارج، كيف لخمسة مترشحين يأخذون 9 بالمائة من الأصوات، في حين يأخذ واحد فقط 90 بالمائة''.
استبعد إقامة تحالفات لعدم جدواها ''إذا شاركنا في الانتخابات فسيكون ذلك في ولايات نملك فرصا للفوز بمقاعد فيها'' قال محمد السعيد إنه لم يتلق اتصالا للالتحاق بمبادرة ''التكتل الإسلامي'' لإعداد قوائم موحدة في الانتخابات التشريعية المقبلة. وأضاف في رد على سؤال بهذا الخصوص ''لم يردنا اتصال في هذا الموضوع لا من منظمة أو شخص، في إشارة إلى الشخصيات الذي تتولى تسويق هذه المبادرة، مبديا تحفظه على هذا الشكل من العمل السياسي، وقال إنه ''لا يرى أي غاية من هذه التكتلات''. وذكر محمد السعيد ''لم نحسم بعد المشاركة في هذه الانتخابات من عدمه، لكن في حال اتخاذ قرار بالمشاركة في الاجتماع المقبل، سيقتصر حضورنا على عدد محدود من الولايات نرى أن لدينا فيها حظوظا للفوز بمقاعد''. وقد تم، يقول محمد السعيد، بحث هذا الموضوع في الاجتماع الأخير للمكتب الوطني يوم الجمعة الأخير، ''وأخذنا بعين الاعتبار عامل تأخر حصولنا على الاعتماد وافتقادنا للمقرات، ولجأنا لاستشارة المكاتب الولائية لاتخاذ القرار النهائي في اجتماع المكتب الوطني الجمعة المقبل، ومن الردود التي وصلتنا بها المشاركة الرمزية المحدودة والتركيز على الانتخابات المحلية في أكتوبر القادم''. وسئل رئيس حركة العدالة والحرية، عن المنطق الذي يعتمده في تبرير عدم استغلال الانتخابات التشريعية للتعريف أكثر بحزبه كما فعل في الانتخابات الرئاسية السابقة، فرد بالقول ''إن الانتخابات التشريعية تحتاج إلى إمكانات مادية، في حين أن مواردنا محدودة، تصوّروا أننا موّلنا المؤتمر من مساهمات المشاركين (5000 دينار) والمؤسسيين لا يقل عن 10000 دينار جزائري''. وقال مرشح الانتخابات الرئاسية السابق، إنه لن يدخل سباق التشريعيات المقررة في ماي المقبل، فهو يفضل ترك الفرصة للشباب. وبخصوص المطلب الذي رفعته أحزاب معارضة لتغيير الحكومة الحالية التي يشرف عليها الأمين العام للأرندي وتعيين حكومة حيادية، أوضح الدبلوماسي السابق بأن ''مطلب تغيير الحكومة ليس جديدا''، حيث يطرح في كل موعد انتخابي ورأى ''أن الرهان ليس في تغيير الحكومة وتعيين فلان في مكان علان بل مرتبط بالإرادة السياسية، أي المضي إلى تشكيل حكومة حيادية بالتشاور مع الطبقة السياسية''. وقال إن تغيير حكومة متحزبة والإتيان بحكومة تكنوقراطية مكانها، لن يغير الوضع، لأن الذين تم اختيارهم موظفون لدى الدولة ويأتمرون بأوامرها''.
اعتبر مقر الأرندي كاف لإيواء كل الأحزاب ''نريد التأكد من تجند السلطة لمنع المال السياسي من اصطياد الناخب'' انتقد محمد السعيد، رئيس حزب الحرية والعدالة، ''المقاييس المزدوجة'' التي تعتمدها السلطة في تقديم الدعم المادي للأحزاب القديمة والأحزاب الناشئة. وقال إن الفارق في الإمكانات بين الصنفين من الأحزاب، قد يفتح الباب للمال السياسي ليكون الفارق الذي يحسم نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة. أصدر حزب محمد السعيد، الأسبوع الماضي، بيانا، تناول فيه ضعف قدرات الأحزاب الجديدة، داعيا السلطات إلى دعمها ماديا. وأوضح خلال لقائه بصحفيي ''الخبر''، بأن القصد ليس الدعم المالي وإنما الدعم بالمقرات وشرح الفكرة كالآتي: ''حزبنا لا يملك أي مقر في أي بلدية رغم الفارق الزمني القصير الذي يفصلنا عن الانتخابات، وهو عائق كبير يحول دون تحضير جيد للاستحقاق، لذلك نطلب من السلطة أن تساعدنا لإيجاد مقرات عن طريق الكراء بأسعار دواوين الترقية العقارية، لأننا لا يمكن أن نتحمل نفقات كراء الشقق والفضاءات ملك الخواص''. وأشار إلى أن أحزاب التحالف تحصلت على آلاف المباني لاتخاذها مقرات بالعاصمة وفي الولايات، مطالبا الدولة بأن تفعل نفس الشيء للأحزاب الناشئة، وذكر بأن المبنى المركزي لحزب الوزير الأول، ''يتوفر على طوابق كثيرة يمكن ان تأوي كل الأحزاب''. وحول احتمال أن يحسم المال، بمفهوم شراء ذمم الناخبين، السباق الانتخابي لصالح أحزاب دون أخرى، قال محمد السعيد: ''أنا ضد المال السياسي ولن يدخل حزبنا الانتخابات باستعمال الشكارة''، في إشارة إلى المال القذر بمفهوم العامة. وأضاف: ''ستكون السلطة مقصرة في حق الجزائريين لو بقيت متفرجة على شراء أصوات الناخبين بالمال، وسكوتها عن هذه الممارسات غير الشريفة سيضرّ حتما بمصداقية الاقتراع التي تعهدت بضمان شفافيته ونزاهته''. وأفاد أمين عام ''حركة الوفاء والعدل'' سابقا (رفضت السلطة اعتمادها عام 1999 بذريعة أنها تضم عناصر من الفيس)، بأن معلومات بلغته بخصوص تفاوض جار حول شراء المراتب الأولى في قوائم الترشيح في بعض الأحزاب. لكنه قال إنه يجهل في أي حزب يتم ذلك. وبخصوص التركيبة النيابية التي يتوقعها في المجلس الشعبي الوطني الجديد، قال محمد السعيد إن شكلها ''يتوقف على ما تريده السلطة من الانتخابات المقبلة. بمعنى هل تريد وجوها جديدة دون أي تغيير حقيقي أم تفضل التجاوب مع مطلب التغيير؟. الخيار الثاني يفرض فتح الساحة السياسية وقبول نتائج الانتخابات كيفما كانت''. وأضاف: ''صحيح أن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية تعهدا بانتخابات نظيفة يحترم فيها رأي الجزائريين، لكننا نحتاج إلى ممارسات في الميدان لنتأكد من مصداقية نوايا السلطة، ومدى تجندها لمنع المال السياسي من اصطياد الناخب''.
قال ضيف ''الخبر''
''لو خيرت بين صداقتي للإبراهيمي والعمل السياسي لاخترت صداقته'' ذكر رئيس ''الحرية'' أن أحمد طالب الإبراهيمي ''ليس إسلاميا بالمفهوم المتداول حاليا للإسلاميين، فهو متفتح ومتسامح وأخلاقه عالية''، مشيرا إلى أنه يعرفه منذ 40 عاما ''وإذا طرح عليّ الاختيار بين العمل السياسي وصداقتي للإبراهيمي، سأختار دون تردد الصداقة التي تجمعني به، فيا ليت كل الناس كانوا مثله في صفاته الموروثة عن والده العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي''. القوى العظمى التفت على ''الطموح الديمقراطي'' قال محمد السعيد إن ما يجري إقليميا من ثورات ينمّ عن وجود ''طموح عربي يتوق إلى الحرية بعد عقود من الكبت والحرمان''، لكنه أشار إلى أنه ''من ناحية أخرى هناك استغلال دولي لهذا الطموح الذي يجري الالتفاف عليه لجعله يصب في اتجاه معين''. وحسب المتحدث، فإن الوضع ''معقد أكثر'' في سوريا استنادا إلى '' تعرضها لهجمة سياسية وإعلامية لا تعكس حقيقة الوضع على الأرض''، وتابع ''السياسة السورية عرقلت تطبيق السياسة الأمريكية في المنطقة، خاصة ما يتصل بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وأردف قائلا ''لو أن بشار الأسد يلقي خطابا يقول فيه إنه سوف يعيد النظر في علاقته مع إيران ومع حزب الله، سيثمّن البيت الأبيض ذلك وسيدعو إلى وقف العنف في سوريا''. ''تغوّل السلطة تسببت فيه استكانة السياسيين'' أفاد محمد السعيد بأن النظام ''تغوّل لأن الطبقة السياسية استكانت ولم تواجهه، والمواجهة تكون بالنضال في الشارع والاستماتة حتى في حال التعرض للضرب''. وأوضح بأن المشتغلين بالسياسة في البلاد ''سريعو الاستسلام، فهم لا يلعبون دورهم بما فيه الكفاية والعمل السياسي في حقيقته هو اختيار الطريق الصعب وليس الانكفاء، لأن السلطة أيا كانت، ترفض التنحي ولا تستجيب للمطالب ما لم تكن هناك سلطة مضادة''. ''أحذر من انفجار ناجم عن خيبة أمل'' حذر محمد السعيد من ''خيبة أمل'' محتملة، في حال شعر الجزائريون بأن الانتخابات المقبلة لم تحقق إرادتهم في التغيير. وتوقع ''انفجارا سنكون كلنا الخاسرون فيه إذا لم يحترم فيه رأي الناخبين''. ''مرحلة انتقالية من 10 سنوات قبل الوصول إلى نظام برلماني كامل'' يعتقد محمد السعيد أن الجزائر مازالت بحاجة إلى'' مرحلة انتقالية'' جديدة لمدة عشر سنوات، تعقب تعديل الدستور المقبل، وأوضح بأنه يقترح أن تتجه الجزائر لإقرار النظام البرلماني المعدل في الدستور المقبل، يعطي حق تشكيل الحكومة للحزب الفائز مع الإبقاء على مجلس الأمة والثلث الرئاسي، لحماية حق الأقلية ومنع الأغلبية من التعسف السياسي والحفاظ على التوازنات والتوافق السياسي، وقال إن هذه الهيكلة الدستورية تبقى كمرحلة انتقالية جدية، يتم فيها فتح النقاش والحوار بين القوى السياسية، قبل الوصول إلى مرحلة النظام البرلماني الكامل. واقترح محمد السعيد ضم رؤساء الدولة السابقين للمجلس الدستوري، وتحديد العهدات الرئاسية في عهدة واحدة قابلة للتجديد.