دافعت بطلة فيلم ''نورمال''، الممثلة الجزائرية ياسمين سلطان، عن الأفكار التي طرحها المخرج مرزاق علواش في العمل، من خلال تناوله أحلام وإحباطات الشباب، الذين قرّروا التشبث بالبقاء على أرض الوطن وتغييره إلى الأفضل. وتحدثت ياسمين سلطان، في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم، بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بمصر، عن أزمة اللهجة التي تمثل، حسبها، صعوبة في تسويق الفيلم الجزائري وأفلام المغرب العربي. وتتلخص أحداث فيلم ''نورمال'' في شاب وصديقته، كانا يصوران فيلما عن واقع الشباب في الجزائر. ولظروف ما، توقف العمل على الفيلم. وبعد فترة، أتت بوادر الربيع العربي، بدأتها تونس بثورتها، وتبعتها بعد ذلك مصر وليبيا واليمن، وهو ما جعلهما يفكران في استعادة كافة المشاهد التي صوّراها ومناقشتها مع فريق العمل. وقد تعمّد المخرج بنظرته الثاقبة، إظهار الكثير من المتناقضات من خلال الأسئلة التي يطرحها أولئك الشباب، والمتعلقة بالحب والصداقة والأوضاع السياسية والاقتصادية وكذا الاجتماعية، المرتبطة بالإطار الثقافي والديني في ذات الوقت. وقال الناقد السينمائي، المصري طارق الشناوي، في تصريح ل''الخبر''، إن مرزاق علواش أثبت أنه ليزال محتفظا بنبضه السينمائي، حيث يقطع المخرج في بنائه للفيلم الخط الفاصل بين الرؤيتين، التسجيلية والروائية، من خلال حبكة درامية تقدم معاناة الشباب الذي يتمسك بأرضه، ويهتف مطالبا بالحرية والعدالة الاجتماعية. واستطرد المتحدث قائلا: ''تظل عين المخرج تلتقط الخاص، وتمزجه بالعام سياسيا واجتماعيا، وتستمر ثورات الربيع العربي حاضرة بقوة في الفيلم، لا تستطيع أن تعزلها عن الحياة الطبيعية التى يعيشها الناس، في ظل واقع متغير وعلى كل المستويات''. وأوضح الشناوي أن الفيلم يصور أن الثورة في الشارع العربي هي التي تملك الآن الحسم، وأن الكل صار خاضعا لإرادتها ''حيث جمع المخرج بين الرؤيتين التسجيلية والروائية في العديد من خيوطه، ليترك مساحة في نهاية الأمر كي يقترب من الحالة الواقعية. ويبدو أن علواش وجه الممثلين إلى الالتزام بحالة العفوية، ونجحوا تماما في توصيل هذا الإحساس، وكانت موسيقى يحيى بوشعلة تمنح الشريط المرئي وهجا خاصا''. واعتبرت الناقدة السينمائية، المصرية نسرين الزيات، أن ''نورمال'' وثيقة سينمائية قدمها علواش من داخل المجتمع الجزائري، ومن عمق الأفكار، والأسئلة التي يطرحها الشباب على أنفسهم النابعة من الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي. ودافعت الزيات بشدة عن ''نورمال''، قائلة في تصريح ل''الخبر'': ''لقد سجل علواش وقفة طويلة وجريئة في واقع السينما الجزائرية، ونجح في الجمع بين الرؤيتين الوثائقية والروائية، وساهم في ترك مساحة نقترب بها من الواقع''. وأضافت المتحدثة أن المخرج وبأسلوبه السينمائي المختلف والمميز، عرف جيدا كيف يغزل السياق الوثائقي مع الدرامي بحرفية، ونجده مهموما بتناول هموم الإنسان الجزائري وتطلعاته، وبالتالي ليس غريبا عليه أن يصنف واحدا من صناع السينما الجديدة، بعد الفترة التي أعقبت استقلال الجزائر''. وأشارت الناقدة إلى أن الربيع العربي كان له حضور مواز طوال مدة الفيلم، والتي تمثلت في ثورة في كل شيء وعلى كل شيء، من العادات والتقاليد والأفكار القديمة، والتي تحوّلت فيما بعد إلى ثورة بمعناها السياسي والثقافي والاجتماعي في ذات الوقت.