أثار عرض فيلم ”نورمال” للمخرج مرزاق علواش، مساء أول أمس، بقاعة ”سينما السعادة” في وهران، جدلا كبيرا لدى السينمائيين وجمهور القاعة، بالنظر إلى مضمونه الذي تضمن الكثير من السلبيات عن الجزائر والجزائريين قال عنها البعض إنها مبالغ فيها وتحريضية، كونها تصورهم ”منحرفين وباحثين عن إشباع غرائزهم”· وتطرح قصة الفيلم الذي يشارك من خلاله علواش ضمن قائمة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الخامسة لمهرجان وهران للفيلم العربي، أزمة شاب جزائري يعمل مخرجا وزوجته، حيث يحاولان معا إنجاز فيلم يتناول أوضاعهم الاجتماعية ومعاناة باقي الشباب· ويظهر هذا العمل الأحداث و”الثورات” التي تمر بها البلدان العربية، وخروج بعض الأطراف كل يوم سبت في الجزائر للمطالبة ب”التغيير”، في إشارة إلى ”مظاهرات السبت” التي كان يدعو إليها ”زعيم الآرسيدي” سعيد سعدي، ما أدى إلى توقف الفيلم بالنظر إلى صعوبة إنجاز عمل سينمائي في ظل تلك الظروف· ودفع هذا الأمر الزوجين إلى التفكير في إعادة تصوير المشاهد من جديد، وذلك من خلال توظيف بعض المشاهد من مظاهرة سعيد سعدي التي يصورها المخرج في بعض شوارع العاصمة الجزائرية والتي تطالب ب”الحرية والديمقراطية” وفقا للشعار الذي رفعه المخرج في فيلمه ”الجزائر حرة ديمقراطية”· ولعل المثير في الأمر، هو انتقاد علواش لوسائل الإعلام الجزائرية وتهجمه عليها في فيلمه، وذلك من خلال تغطية صحفية كانت قد قامت بها إحدى الجرائد الجزائرية أظهر اسمها في فيلمه، حيث أوردت في صفحتها الأولى عام 2009 أن وزارة الثقافة الجزائرية استقطبت أفارقة يرقصون عراة في شوارع العاصمة، وهو المشهد الذي جسده الفنان أحمد بن عيسى، حيث ظهر وهو يتصفح تلك الجريدة ويقف عند هذه النقطة التي أزعجت المخرج ضمنيا، وأظهرت نقمته على طريقة تناول الإعلام الجزائري بشقيه العام والخاص لظهور راقصات إفريقيات عاريات في افتتاح ”المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني”· وفي السياق ذاته، رد علواش من خلال فيلم ”نورمال” على الإعلام الجزائري، قائلا إنه لا يعي أن هذه ثقافة الشعوب الإفريقية، وليس الهدف منها إثارة ”غرائز” الشباب الجزائري، ليجد المتفرجون في ”قاعة السعادة” أنفسهم أمام مشاهد لهؤلاء الأفارقة وهم يرقصون في شوارع العاصمة وإحدى أبطال ”نورمال” ترقص معهم ليتحول الفيلم من إطاره السينمائي إلى الوثائقي· كما انتقد كثير من الحاضرين هذا العمل على أساس أن نصه كان أغلبه باللغة الفرنسية، عدا بعض المقاطع والجمل باللهجة الجزائرية· من ناحية أخرى، هاجم المخرج مرزاق علواش، الصحفيين الجزائريين أثناء الندوة التي نظمت على هامش عرض ”نورمال”، حيث رفض الإجابة عن بعض أسئلة الصحفيين، بالنظر إلى أسمائهم وعناوين الجرائد التي يمثلونها مما جعل هؤلاء يصفون المخرج الذي دعا إلى ”الحرية” في فيلمه، ب”الديكتاتور”، لينسحب كل الإعلاميين تباعا احتجاجا على إهانتهم بتلك الطريقة· وتحول النقاش من إطاره السينمائي والتحليلي إلى مستوى أثار دهشة الجمهور، غير أن علواش الذي حضر عرض فيلمه رفقة طاقم العمل كان قد أجاب قبل ذلك، عن بعض الأسئلة أكد فيها أن ”نورمال” يعتبر عملا خاصا جدا لأنه أنجز بإمكانيات ضئيلة وصور مشاهده التي دارت في شوارع العاصمة بكاميرا واحدة· ورغم هذا، زعم المخرج أن فيلمه هو نقل واقعي لما يمر به الشباب من معاناة وصفها ب”المرة”· فيلم لا يعكس عنوانه··
أوضح الناقد السينمائي المغربي أحمد بوغابة الذي شاهد عرض الفيلم في حديث ل”البلاد”، أن ”نورمال” يعد عملا غير طبيعي لأنه كسر تجربة المخرج مرزاق علواش في تناوله للواقع الجزائري وإن كان هذا يحسب للمخرج لا عليه، حيث اشتغل على نموذج جديد في غياب الحكاية· وقال محدثنا إننا نلاحظ عدم وجود حكاية أو قصة كما تعودنا أن نتابع في الأفلام السينمائية، بل هي مجموعة من القضايا المعقدة طرحها علواش مع توظيف ممثلين هواة انطلاقا من مسرحية هي جزء من الحياة اليومية، مضيفا ”ولكنه ليس تعقيدا بالمفهوم السلبي·· بل يندرج ضمن السهل الممتنع·· ومع هذا فالموضوع الأساسي كان يتعلق بالرقابة وحرية التعبير في الجزائر”، على حد تعبيره