"لا توجد أي مشاهد جنسية في فيلم نورمال، والمَشاهد من الواقع الذي بتنا نتألم منه إلى حد الخجل".. بهذه الجملة العميقة في معانيها والتي تعكس حجم المتاعب والانتقادات التي واجهها، سجل المخرج مرازق علوش وقفة طويلة وجريئة عند واقع السينما الجزائرية في الندوة التي عقدها، أمس، بقاعة سينما رياض الفتح، عقب أول عرض بالجزائر العاصمة، لفيلمه الأخير الموسوم ب"نورمال". وسط جمهور سينمائي من مخرجين شباب وهواة ونجوم الإبداع السينمائي الجزائري، عرض، أمس، بقاعة رياض الفتح، لأول مرة، الفيلم المثير للجدل "نورمال" بحضور أبطال الفيلم ومخرجه مرزاق علوش، الذي سافر قبل نحو ثلاثة أشهر إلى دولة قطر بالفيلم لحصد جائزة أفضل فيلم روائي عربي في مهرجان الدوحة - ترايبكا السينمائي. ويسرد "نورمال" تفاصيل المجتمع الجزائري بعدسة قريبة جدا من العتمة التي اعتبرها علواش حقيقة يخجل الجزائري من مواجهتها، كما يقول:"الجزائري يخاف كثيرا من التعرف على هويته الحقيقية وصورته الحقيقة و واقعه من الداخل". وأضاف علواش في معرض إجابته على أسئلة الحضور الذين غصت بهم القاعة:" فيلم نورمال ليس فيلما جريئا إنما هو فيلم يسرد الواقع، ولا توجد أي مشاهد جنسية في فيلمي". يسرد "نورمال" قصة مجموعة شباب جزائري يهوى السينما والمسرح ويسعى إلى إنتاج مسرحية، وطالب وزارة الثقافة بتمويل العمل لعرضه ضمن فعاليات المهرجان الإفريقي الذي احتضنته الجزائر سنة 2009، لكن رفض وزارة الثقافة بسبب مشاهد المسرحية "الجزئية" دفع الشباب لتحويل المشروع إلى فيلم من تمويلهم الخاص، وانطلق المخرج في عرض "نورمال" بطابع مختلف يكسر حدود المألوف ويقترب من الجرأة من خلال تشريح دقيق لواقع سكان الجزائر العاصمة. واستخدم المخرج أسلوب الدمج بين الرواية والتوثيق وحتى نقل مشاهد جد حقيقية للممثلين من خلال التصوير بالكاميرا الخفية، كما أكد على ذلك علوش، وأوضح الممثلون الذين شاركوا المخرج في تنشيط الندوة. ومضى علواش، بطريقة "نورمال"، في عرض مشاهد جنسية ساخنة، وهو ما يعد سابقة في تاريخ السينما الجزائرية التي توصف أنها سينما محافظة و لا تقبل الإيحاءات الجنسية، لطبيعة عادات المجتمع الجزائري التي قفز فوقها علواش، ما جعل الفيلم بحاجة ماسة إلى جمهور جزائري من نوع مختلف. ولأن الفيلم تزامن تصويره مع موجات الحراك الشعبي العربي ضد الأنظمة، فقد كان للفيلم وقفة عند "صناعة التغيير" في الجزائر وانتفاضة 1988 والعشرية السوداء وموجات الإرهاب التي عانى منها المواطن الجزائري، ورغم ذلك فقد حمل الفيلم رسائل واضحة ومباشرة ودعوات تحريضية لمدّ شباك الربيع العربي في الجزائر، وهو ما وضع "نورمال" في زاوية سياسية حاول علواش نفيها قائلا:" أنا لست سياسيا ولكنني مخرج". وفي سياق حديثه عن السينما الجزائرية التي كانت إحدى الحلقات الهامة التي نسج منها الفيلم، قال علواش:"لقد أصبحت أشعر وكأنني مجرم في الجزائر كلما اقتربت أكثر بعدستي لتسجيل مشاهد من داخل الجزائر، للأسف لقد أصبح الإنتاج السينمائي في الجزائر جريمة"، وأضاف:" أنا لا أعمل لحساب وزارة السياحة حتى يطالبني البعض بإنتاج أفلام ترسم ملامح جمال الجزائر، بينما حياتنا وقضايا الواقع لها أوجه بيضاء وأخرى سوداء"، مشيرا إلى أن نقل الحقيقة واجب سينمائي يجب أن تحترمه الكاميرا، كما قال:" إذا كان الواقع كله رماد من الداخل فهذه ليست مشكلتي لأنني مخرج".