انتقد وزير الأوقاف في السلطة الفلسطينية، محمود الهباش، الفتوى الّتي أصدرها رئيس اتحاد علماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، بتحريم زيارة القدس لغير الفلسطينيين، زاعماً أنّ الفتوى ''خاطئة''، لأنّها تقدم خدمة مجانية للاحتلال الّذي يُريد عزل القدس. أكد الشيخ القرضاوي، أول أمس، أنّ من حق الفلسطينيين وحدهم دخول القدس، أما غيرُهم فلا يجوز أن يدخلوها تحت مِظلة العَلَم الإسرائيلي. وقال للصحفيين خلال مشاركته في افتتاح ''مؤتمر نجدة القدس'' الأحد الماضي، إنّ تحريم زيارة غير الفلسطينيين للقدس يأتي ''كونه يضفي شرعية على كيان غاصب لأراضي المسلمين، ويُجبِر على التعامل مع سفارة العدو للحصول على تأشيرة منها''. وجاءت فتوى القرضاوي رداً على الدعوة الّتي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للعرب والمسلمين لزيارة القدس في مؤتمر القدس الدولي الّذي اختتم أعماله في العاصمة القطرية الدوحة. ودعا الهباش، في بيان صحفي، أول أمس الثلاثاء، الشيخ يوسف القرضاوي إلى التراجع عن فتواه الّتي يُحرِّم فيها على غير الفلسطينيين زيارة القدس. معتبراً أن ''هذه الفتوى الخاطئة تخالف صريح القرآن الكريم والسنّة النّبويّة المشرفة، فضلاً عن أنها تقدم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي الّذي يريد عزل المدينة المقدسة عن محيطها العربي والإسلامي، ولا يرغب برؤية أيّ وجود عربي أو إسلامي في القدس، ويضع كلّ العراقيل والعقبات أمام وصول الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين إلى مقدسات المدينة، ويعمل في الوقت نفسه على تكثيف الوجود اليهودي لتهويد المدينة المقدسة والاستيلاء على مقدساتها''. ورأى الهباش أن ''زيارة القدس هي فريضة شرعية وضرورة سياسية، وأنّها حق مشروع لجميع المسلمين والمسيحيين، وواجب مقدس على المسلمين بنص صحيح السُّنّة النّبويّة المشرّفة''. وأضاف أنه ''لم يثبت أن أحداً من علماء المسلمين قد أفْتَى بمثل هذه الفتوى العجيبة، حتّى في فترات الاحتلال الأجنبي للمدينة المقدسة، سواء في زمن الصليبيين أو التتار أو الإنجليز، كما أنّ الأمر النّبويّ بزيارة القدس والأقصى هو أمر عام في جميع الأوقات والأحوال والظروف، وليس خاصاً بوقت أو ظرف دون آخر، فضلاً عن أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين أمر بذلك لم يكن المسجد الأقصى في يد المسلمين، بل في يد الحكم الروماني، ولو كانت زيارته خاصة بوقت دون آخر لبيّنَها القرآن الكريم والسُّنّة النّبويّة المشرّفة''، حسب قوله. واعتبر الهبّاش أنّ ''زيارة المسلمين للقدس حتّى وهي تحت الاحتلال تتشابه مع زيارة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمسجد الحرام بعد صُلح الحديبية وهو تحت حكم المشركين، والأصنام تنتشر بالعشرات داخل الكعبة المشرفة وحولها، ولم يقل أحد بأنّ ذلك كان تطبيعاً من الرّسول صلّى الله عليه وسلّم مع المشركين أو اعترافاً بشرعية حكمهم لمكة المكرمة، بل كان ذلك تأكيداً لحقِّه في المسجد الحرام'' وفق قوله. ودعا الهباش كلّ الّذين يفتون بتحريم زيارة القدس إلى ''أن يتّقوا الله فيما يقولون، وألاّ يكونوا عوناً لإسرائيل على القدس وأهلها المرابطين الّذين يتطلّعون إلى تواصل كلّ أبناء الأمّة معهم لدعم صمودهم وتعزيز بقائهم في مدينتهم''، وأكّد أنّه ''مستعد لمواجهة ومناظرة أيّ شخص بالحُجّة والبيّنة والدليل الشّرعي، وكذلك بالرؤية السياسية القائمة على حفظ مصالح الأمّة وحقوقها، خاصة في فلسطينوالقدس''، على حد تعبيره.