وضعت السُّنَّة النّبويّة مبدأ سلمياً وحضارياً وإنسانياً عاماً في توصيف وتقرير شأن علاقات النّاس الاجتماعية والفردية فيما بينهم، حيث جاء في الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''المسلم مَن سلِم المسلمون من لِسَانه ويدِه والمهاجر مَن هَجَر ما نَهَى الله عنه''، وروى الترمذي عن ابن مسعود، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''ليس المُؤمِن بالطعّان واللّعان، ولا الفاحش ولا البذيء''. قال الحافظ النووي: اعلم أنّ لعن المسلم المصون الدم حرام بإجماع المسلمين، ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة كقولك لَعَن الله الظالمين، لعن الله اليهود والنّصارى، ثمّ قال: وأمّا لعن الإنسان بعينه ممّن اتّصف بشيء من المعاصي، كيهودي أو ظالم أو سارِق، فظواهر الأحاديث أنّه ليس بحرام، وهو رأي بعض العلماء. وأشار الغزالي في الإحياء إلى تحريمه إلاّ في حقّ مَن علمنا أنّه مات على الكفر، لأنّ اللّعن هو الإبعاد عن رحمة الله، ودعوتك عليه باللّعنة معناها أنّك تدعو عليه ألاّ يُرحَم أبداً، وهذا ليس من أخلاق المؤمن الّذي يتمنّى الخير لأخيه المسلم. روى مسلم في صحيحه عن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''لا ينبغي لصدِّيق أن يكون لعاناً''. وروى أبو داود في سننه من حديث سَمُرَة بن جُندُب، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنّار''.وهذه الأحاديث تدل في مجملها أنّ اللِّسان سلاح ذو حدين، وعلى المؤمن أن يَحفَظ لسانه من السُّوء والسبِّ واللّعن وأن يُرطِّبه بذِكر الله وطاعته. روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة ما يتبيّن ما فيها، يهوي بها في النّار، أبعد ما بين المشرق والمغرب''. *عضو المجلس العلمي لولاية الجزائر