تشير أرقام رسمية إلى أن الجزائر خسرت خلال السنوات الأربع الماضية مبلغ مليار دولار، بسبب الفيضانات الناتجة عن التقلبات الجوية جراء ظاهرة الاحتباس الحراري، منها 100 مليون دولار بسبب العاصفة الثلجية التي عرفتها مختلف مناطق البلاد في الأسابيع الماضية. ترسم معاهد بحث بيئية دولية صورة قاتمة عن الوضع البيئي في ال30 عاما القادمة في الجزائر، وباقي مناطق شمال أفريقيا قاطبة، متوقعة غزوها من طرف الأمراض الاستوائية وزحف رمال الصحراء بمسافة 100 كلم، وتقلبات جوية قاسية من جفاف وحرارة وفيضانات. تفيد دراسة علمية أجراها معهد ''غرين بوينت'' البريطاني المتخصص في الدراسات المستقبلية حول الرصد الجوي، إن منطقة شمال إفريقيا ستكون من أكثر مناطق العالم تأثرا بالتقلبات المناخية إلى غاية عام .2050 مشيرة إلى أن الشريط الساحلي بشمال إفريقيا الذي يضم أكثر من نصف سكان دول تونسوالجزائر ومصر سيعاني من تقلبات جوية حادة، من برد شديد، فيضانات وحرارة غير موسمية وزحفا للأمراض الإفريقية. كما تشهد بلدان افريقية موجات هجرة نحو الشمال، نزاعات مسلحة وثورات نتيجة الجفاف وتقلب المناخ والمجاعات الناجمة عن تدهور الإنتاج الفلاحي. هاته التقارير التي نوقشت من طرف مشاركين في ملتقى حول البيئة والمناخ بغرداية، دفعت بالحكومة إلى إنشاء لجنة وطنية لمراقبة ومواجهة التغيير المناخي على المدى القريب وتمويل لجنة خبراء لدراسة التغير المناخي على المدى البعيد. إذ كشف المشاركون في الملتقى الجهوي الذي ضم ولايات الجنوب حول التغير المناخي، بأن الجزائر خسرت في غضون 4 سنوات فقط ما لا يقل عن مليار دولار نتيجة الفيضانات والتقلبات الجوية الناتجة عن الاحتباس الحراري، منها 400 مليون دولار في فيضانات غرداية وأكثر من 100 مليون دولار خلال موجة البرد والصقيع والثلوج في الأسابيع الماضية. وتتوقع دراسات وصول مرض حمى المستنقعات أو الملاريا إلى شمال البلاد في غضون عدة سنوات. ولخص المشاركون في الملتقى أهم القطاعات التي ستعاني من التقلبات المناخية وهي قطاعات السكن، الفلاحة، الموارد المائية والصحة، وهو ما سيدفع الجزائر لإنفاق أموال طائلة لعلاج المشاكل المترتبة على التغير المناخي. ولاحظ المشاركون بأن الجزائر باتت مكبلة بمضمون اتفاقيات للحد من انبعاث الغازات مثل معاهدة ''كيوتو'' حيث وجدت الجزائر نفسها ملزمة بالحد من انبعاث الغازات، وهو ما يعني التأثير على التنمية الاقتصادية رغم أن مستوى انبعاث الغازات من الجزائر مقبول وهو لا يتعدى 117 مليون طن من الغازات الضارة بالبيئة سنويا طبقا لدراسة أجريت عام 2001، منها 87 مليون طن، مصدرها الصناعة النفطية وغازات المحركات. أمراض فتاكة وهجرة سرية وقد دفعت الجزائر فاتورة مضاعفة نتيجة ارتفاع أسعار الحبوب والمواد الغذائية في العالم نتيجة التقلبات المناخية، وحذرت منظمات دولية من تأثير التقلب المناخي على عدة دول أهمها دول شمال إفريقيا التي سترتفع فيها درجة الحرارة مرتين أكثر من المستوى العالمي وكل ارتفاع في درجة حرارة الأرض في العالم بدرجة ينجم عنه ارتفاع حرارة القارة الإفريقية بدرجتين. وسينتج عن هذا الوضع موجات نزوح وهجرة جديدة تهدف للوصول إلى أوروبا عبر شمال إفريقيا، كما ستزحف الأمراض الاستوائية من دول إفريقيا السمراء نحو شمال إفريقيا.