أفاد مصدر مقرب من قطاع الطاقة ل''الخبر''، بأن الجزائر ستضطر إلى دفع قرابة 6 ملايير دولار بشكل عيني على شكل إمدادات نفط إضافية، وفقا لاتفاق مبرم مع ثلاث شركات هي أناداركو وميرسك وايني، كما لا يستبعد أن يشمل الإجراء لاحقا شركات أخرى، فرض عليها الرسم بأثر رجعي أيضا. وفقا للاتفاقيات المبرمة بين الأطراف الثلاثة وسوناطراك، فإن هذه الأخيرة ستدفع 4,4 مليار دولار للشركة الأمريكية أناداركو و920 مليون دولار لميرسك وحوالي 500 مليون دولار لايني، علما أن ايني هي أول الموقعين على عقود الشراكة وتقاسم الإنتاج. ولا يستبعد أن تسدد مبالغ أخرى لشركات فرض عليها رسم على الأرباح الاستثنائية، وتعتبر هذه الموارد التي ستستفيد منها الشركات الدولية مطابقة لتلك التي قامت بالمطالبة بها في إطار الدعوى التي رفعتها أمام المحاكم الدولية. في نفس السياق، تكشف الإحصاءات الخاصة بعائدات الرسم على الأرباح الاستثنائية التي حولت إلى الخزينة العمومية ما بين 2007 و2011، تسجيل 8, 7 مليار دولار وكانت سنة 2008 أفضل السنوات بتسجيل 6, 2 مليار دولار، ثم سنة 2011 ب3, 2 مليار دولار، ولكن ما ستدفعه الجزائر بطريقة غير مباشرة يقترب مما جنته من الرسم على الأرباح الاستثنائية، مع فارق أنه يتم تسديد جزء على مدى 12 شهرا والباقي في مدة زمنية لاحقة، أي أن الجزائر تتفادى تسديد المبلغ المعوض على دفعة واحدة ونقدا، بل بصورة تدريجية وعينية على شكل إمدادات نفط إضافية. وعلى عكس مزايا القانون رقم 8614 الصادر في فيفري 1986 والذي كرّس مبدأ تقاسم الإنتاج وسمح بتحقيق نتائج إيجابية في مجال الاستكشاف، فإن التعديلات التي طرأت على قانون المحروقات ثم الإعلان عن فرض رسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي، قلب المعادلة ودفع الشركات الدولية إلى التراجع عن عمليات الاستكشاف، فمن حيث المبدأ كان الإجراء قانونيا وصحيحا وسبقت الجزائر عدة بلدان منها النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة، هذه الأخيرة طبقت ما يعرف بمبدأ ''تورنديك'' لتدعيم العائدات الجبائية للدولة ومنها سنة 1980 بعد ارتفاع أسعار النفط نتيجة الثورة الإيرانية، حيث بلغت ما بين 35 و38 دولارا أي 130 إلى 150 دولار بالسعر الحالي. وأقر الكونغرس الأمريكي في فترة الرئيس كارتر، قانونا يسمح بفرض رسم على الأسعار بعد تجاوزه سقفا محددا سلفا وألغي الرسم في أوت 1988 من قبل الرئيس رونالد ريغان. وحاول الديمقراطيون اعتماد قانون مماثل في 2007، ولكن المقترح رفض بعد ضغط لوبيات المجموعات البترولية المقربة من الجمهوريين وعائلتي بوش وتشيني. وما يلاحظ أن هذه القوانين لم تطرح إشكالا ولم تعترض عليها الشركات، لأنها لم تفرض أي أثر رجعي، بينما الرسم الجزائري الذي أدرج في الأمر الصادر في 29 جويلية 2006 المعدل والمتمم للأمر رقم 0507 الصادر بتاريخ 28 أفريل 2005 المتعلق بقانون المحروقات، طبق بأثر رجعي وقوّض مزايا القانون رقم 86 .14 وأكدت الشركات الدولية أن اتفاقات الشراكة وتقاسم الإنتاج، تم قبل تاريخ اعتماد القانون ولا ينطبق عليها، كما أكدت بأنها وقّعت بندا خاصا بالاستقرار وأن الجانب الجزائري يخلّ بالتزاماته التعاقدية في حال فرض قانون بأثر رجعي، وحدث هذا الأمر في وقت ارتكب الطرف الجزائري أيضا أخطاء تقديرية، منها إلغاء العمل بما يعرف بلجنة مراقبة الشراكة، الذي كان ينظر في كافة المشاكل التي تطرح مع الشركاء.