بات واضحا أن التغيير الذي حدث على رأس مجمع سوناطراك، كرّس رغبة وزير القطاع، السيد يوسف يوسفي، في العمل مع طاقم يختاره ويوحد، بالتالي، السياسات المتبعة في مجال المحروقات، كما يكشف عن إنهاء أي أثر لعهد الوزير السابق السيد شكيب خليل، حيث كان السيد نور الدين شرواطي محسوبا عليه. يرتقب أن يسمح رحيل السيد نور الدين شرواطي بتأكيد تعديل قانون المحروقات، حيث كان مجيء شرواطي في فترة صعبة عرفتها سوناطراك، مع تأثير الأزمة التي عرفتها سنتي 2009 و2010 والحصيلة السلبية الناتجة عن تطبيق قانون المحروقات خاصة مع تواضع نشاط الاستكشاف وتراجع إنتاج الغاز وصادراته والمشاكل التي أثارها تطبيق بعض بنود قانون المحروقات المعدل الذي تحفظت عليه الشركات الدولية وتوجهها للمقاطعة غير المعلنة للمناقصات التي نظمت من قبل سلطة الضبط. وبدا واضحا أن سوناطراك عانت هي الأخرى بصورة مزدوجة من تبعات القوانين الجديدة التي ألغت مبدأ تقاسم الإنتاج وفرضت على سوناطراك تسخير موارد مالية للاستكشاف، أضحت عبئا كبيرا عليها. بالمقابل اتضح أن توجه السيد شرواطي على رأس سوناطراك مغاير للتوجهات التي يتبناها وزير القطاع، ونظرا للتقاطع المتواجد بين الصفة السياسية لتسيير سوناطراك كأهم مصدر لمداخيل الجزائر ويمثلها عادة وزير القطاع والصفة الاقتصادية الممثلة من قبل الرئيس المدير العام، فإن عدم التوافق والتطابق في توجهات الرجلين ''شرواطي ويوسفي'' طرح كإشكال، وهذا ما يستدعي التفكير مجددا في ضرورة فصل السياسي عن الاقتصادي ومنح مسؤول سوناطراك هامش حركة في مجال التسيير. فرئيس مجمع توتال وبريتيش بتروليوم أواكسون موبيل، مسؤول فقط أمام المساهمين بالدرجة الأولى، لأن الصناعة النفطية تتطلب ردود فعل سريعة وتكيفا مع أوضاع السوق، بينما حساب الساسة مختلف تماما ونموذج تقاطع السياسي مع الاقتصادي موجود لدى الشركات الوطنية للنفط بالخصوص. في نفس السياق، يفتح التغيير الذي حدث على رأس سوناطراك الباب أمام الانتهاء من عهد وزير القطاع السابق شكيب خليل، مع ارتقاب إحداث تعديل لبنود قانون المحروقات، خاصة النقاط التي كانت محل تحفظ من قبل الشركات الدولية، علما بأن الجزائر معرضة لأن تدفع تعويضات بقيمة 3 ملايير دولار على الأقل نتيجة فرضها الرسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي على الشركات النفطية، بعد مداولة محاكم المنازعات في باريس وواشنطن وبثها في الشكاوى التي رفعتها أناداركو وميرسك وايني في ديسمبر المقبل. ومن مظاهر الأزمة في الجزائر في مجال المحروقات، عزوف الشركات الدولية عن المشاركة في المناقصات سنتي 2009 و2010 وتراجع صادرات الغاز إلى حدود 60 مليار متر مكعب وعدم القدرة على تحقيق إنتاج نفطي يفوق 28,1 مليون برميل يوميا وعدم تطور الاحتياطي من المحروقات، خلال السنتين الماضيتين بصورة كبيرة، حيث استقر الاحتياطي النفطي في حدود 12 مليار برميل والغازي في مستوى 4700 مليار متر مكعب.