إذا كان هناك موضوع يجب إثارته في حادثة مقتل الشاب الفرنسي ذي الأصول الجزائرية، محمد مراح، فليس بالضرورة جنسيته الجزائرية وتهمة الإرهاب التي تلاحق الجزائريين في كل مكان، وإنما الموضوع هو قضية التمييز العنصري الذي يتصاعد في فرنسا وعلاقته بمشاكل إدماج المهاجرين وأبنائهم في النسيج المجتمعي الفرنسي. نعم، ما قام به محمد مراح، هو جريمة تستحق الإدانة والعقاب، وها قد نال العقاب بمقتله، رغم أننا كنا نتوخى أن يحاكم بدل أن يقتل في ظروف تطرح عدة استفهامات، لكن لا يجب أبدا الانجرار وراء تصريحات الساسة الفرنسيين وتخريجات الإعلام الفرنسي لقضية محمد مراح. فنحن أولا نعيش أجواء حملة انتخابية تسبق انتخابات الرئاسة في فرنسا، من بين مرشحيها تيار اليمن الفرنسي المتطرف بزعامة مارين لوبان، التي ورثت عن والدها ''كتاب'' سب المهاجرين وشتمهم، وخصوصا الجزائريين منهم. هنا يبرز بقوة توظيف الإعلام الفرنسي بكثافة لجنسية القاتل محمد مراح، الجزائرية، بل ذهب البعض إلى اختصار الأمر مباشرة في القول ''القاتل الجزائري محمد مراح''. وهذا يعني للأسف أن الإعلام يتعمد إلصاق تهمة الإرهاب بالجزائريين، بينما يحاول قدر الإمكان التمسك بإظهار الجنسية الفرنسية عندما يتعلق الأمر بلاعب مثل زين الدين زيدان رغم أنه جزائري الأصل أيضا. وشخصيا، تابعت النقاش الدائر في وسائل الإعلام، فكانت أغلبها تركز على ''النواحي الأمنية'' للموضوع، لكنها لم تتطرق بعمق إلى المشكلة الأساسية التي تواجه المجتمع الفرنسي وهي قضية الاندماج في النسيج المجتمعي الفرنسي. فمنذ سنوات انفجرت أحداث الضواحي الباريسية ووقعت أعمال عنف غير مسبوقة، بسبب وصف ''الأوباش'' الذي أطلقه ساركوزي على شباب هذه الضواحي. اليوم تتكرر المأساة من خلال الشاب محمد مراح ذي ال42 عاما، الذي تحكي سيرته القصيرة أنه ابن عائلة مهاجرة مفككة الأوصال، فأمه مطلقة ولديه أربعة إخوة، ولكن المهم هو أنه طلب الانضمام إلى صفوف الدرك الفرنسي، غير أن الطلب قوبل بالرفض بسبب سوابقه العدلية. هنا توقف حلم محمد مراح في الاندماج وانطوى على نفسه، ليقع ضحية جهات تلاعبت به وجندته في صفوف الإرهاب.