اعتبر أغلب الفنانين الذين التقتهم ''الخبر''، ترشيح وجوه فنية معروفة على رأس قوائم حزبية، استغلالا لأسمائهم، وأعربوا عن رفضهم المطلق للأمر، مطالبين أبناء مهنتهم بالابتعاد عن ''التحزب''، وعدم اكتساء لون سياسي معيّن، كونهم ملكا لكل الشعب، وقدوة للمجتمع الذي يعيشون فيه. فيما برّر البعض الآخر ممن ترشحوا لتشريعيات العاشر ماي المقبل ولوجهم عالم السياسة، بكونهم مواطنين كغيرهم، لهم الحق في الترشح، وأن الوقت قد حان للفنان لأن يكون طرفا في تنمية بلاده، وخدمة ميدانه.
قال إنه لا خوف على الإبداع مهما كان التيار الفائز حسان بن زراري: ''للسياسة أصحابها وللفن أهله'' يرفض الممثل حسان بن زراري فكرة انتماء الفنان إلى حزب معيّن ودخول مضمار التشريعيات رفضا مطلقا، باعتبار أن الفنان، سواء كان ممثلا أو مغنيا، على حد قوله، رجل عمومي، وملك لكل الشعب. وأضاف حسان بن زراري بأنه لا يتصوّر أن يكون للفنان لون سياسي، مردفا ''فالشعب يقتدي بنا نحن الممثلين مثلا، لذا يجب أن نكون نعم القدوة، وأن نبتعد عن التحزب. وعن نفسي، أفضل أن أظل على ما أنا عليه، وأن لا أتحزّب''. وعن رأيه في توجه بعض الوجوه الفنية إلى التحزب، باقتراح من الجهات المعنية أو حتى بالسعي وراء الترشّح، يقول بن زراري: ''سمعت عن العديد من الوجوه الفنية التي دخلت لخوض غمار التشريعيات، ومنهم حتى من يسعى إلى ترشيح نفسه في أحزاب ليست لديها أي شعبية، على أمل أن يكون له لون سياسي في المستقبل، وهو ما أجده غير منطقي. فالسياسة لها أصحابها، والفن له أهله''. والمهم بالنسبة لبن زراري أن لا يطوّق الإبداع، موضحا ''لا أحد بإمكانه منعنا من ممارسة الفن أو تقييد حرية الإبداع، والتجربة التي مررنا بها في التسعينيات خير دليل على ذلك، إذ لم يستسلم الفنانون للموت والإرهاب. لذا، لا خوف على مستقبل الفن، مهما كان اللون السياسي للتيار الفائز في الانتخابات المقبلة''. ذكر أن وصول الإسلاميين إلى السلطة لا يعتبر ''بعبعا'' صالح أوفروت: على الفنان الابتعاد عن التحزّب لم يخف الممثل صالح أوفروت أنه تلقى العديد من العروض للالتحاق بموكب الأحزاب السياسية، بغية الترشح على رأس قائمتها، إلا أنه رفض الأمر لعدم اهتمامه بذلك، ولقناعته بأن الفنان عليه الابتعاد عن التحزب. وقال صالح أوفروت، في تصريح ل''الخبر''، إن عروضا للترشح في التشريعيات المقبلة وصلته، إلا أنه رفضها. وأوضح المتحدث أنه مقتنع، تمام الاقتناع، بأن الفنان لا دخل له في السياسة، وأنه ملك للمجتمع الذي يعيش فيه، ويحاكي يومياته بتناقضاتها، مضيفا ''المجتمع هو الذي جعل للفنان اسما وشهرة، وقد وصل اليوم إلى مرحلة يفرّق فيها بين من يخدم مصالحه وبين من يحاول خداعه وإغراءه بالعناوين البراقة، وأظن أن الوقت قد حان لنفهم الدين ورسالته''. وبخصوص إمكانية تقييد حرية الإبداع في حال صعود تيار إسلامي، قال صالح أوفروت إن الدين لا يقتل الفن والعلم، مواصلا: ''ولا أظن أن الإسلاميين إذا وصلوا إلى السلطة سيكونون بعبعا يخافه الناس، فما عاشته الجزائر من محن سيعصمها، إن شاء الله، من كل خطر في المستقبل''. أكد أن الإسلام ليس عنفا وتطرفا محمد عجايمي: على الفنان ممارسة حق الانتخاب وليس الترشح تأسف الممثل محمد عجايمي استغلال الفنانين والمبدعين، وكذا الوجوه التمثيلية المعروفة، من قبل الأحزاب السياسية، بهدف تزكية نفسها لدى عامة الشعب، مؤكدا أنه ورغم اعتباره الانتخابات واجبا وطنيا مقدسا، إلا أنه ضد تلك الأحزاب. وبنبرة الغاضب على استغلال الوجوه الفنية التي تحظى بشعبية كبيرة لدى العام والخاص، واصل محمد عجايمي حديثه قائلا: ''أنا في الحقل الفني منذ 38 سنة، حاكيت الركح، والإذاعة، وكذا التلفزيون، لكنني أرفض الترشح مع أي حزب''. ودعا محمد عجايمي إلى اختيار السبيل الأمثل في حب الجزائر، موضحا ''حب الجزائر يدفعني إلى ممارسة حق الانتخاب وليس الترشح، فنحن بحاجة إلى رجال ذوي كفاءة وتخصص، وإلى ثقافة سياسية''. وعن صعود محتمل للإسلاميين، قال محمد عجايمي إنه يرفض مصطلح ''الإسلامي''، على اعتبار أن الشعب مسلم ولا خوف من الإسلام، فهو من قدّس وشرّع لحرية التعبير، وحرية المرأة، ''والإسلام ليس عنفا وتطرفا''. كما استدل عجايمي في حديثه بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، مفادها أن الدين الحنيف قدّس حرية الفرد، مبديا تفاؤله بمستقبل الساحة الفنية في الجزائر، بحكم تراكم التجربة التي عاشها الشعب الجزائري منذ الاستقلال. محمد حازورلي: الفنان المحترم لا يترشح لا يحبّذ المخرج محمد حازورلي ترشيح بعض الفنانين على رأس قوائم حزبية بطريقة استغلالية لجلب الأصوات، ويجد أن دخول وجوه فنية لا يعني بالضرورة استمالة الناخب، لأنه يدرك ما هو بحاجة إليه. وأضاف حازورلي أن المتعارف عليه هو أن أصحاب السمعة الحسنة من الفنانين، ومن يحترمون مهنة الفن النبيلة، لا يترشحون أصلا، ولا يقحمون أنفسهم في ما ليس لهم فيه ناقة ولا جمل. وطرح المتحدث سؤالا على الفنان الذي يسعى إلى أن يكون نائبا، مفاده: هل سيهتم المعني بفنه أو برسالته النيابية تجاه الناخبين؟ وقال محمد حازورلي: ''أصدقكم قولا أن أحد الساسة طلب مني مساعدته، ليفوز بمنصب عمل يوفر له راتبا بأربعين مليون سنتيم، وهذا مستوى متردّ من الأداء السياسي في تصوري. لذا، على الفنان أن يساهم بطريقته في فضح التزوير المالي والسياسي الفاسد، لأن التاريخ سيحاسبنا على ما قدمناه وما سنقدمه''. وعن الصعود المحتمل للتيار الإسلامي، قال حازورلي: ''إما أن ندخل الديمقراطية بمفهومها الكامل أو لا ندخلها، فلنترك الأمر للصندوق فهو الفاصل. ومن ذا الذي يحكم على الناس مسبقا بعدم أهليتهم للسلطة، وعلى الإدارة الابتعاد عن العملية الانتخابية، وترك الشعب يختار حكامه، لأن الحكام لا يمكنهم اختيار الشعب''. المخرج سعيد عولمي: ليست لديّ طموحات سياسية يرى المخرج سعيد عولمي أن الفنان إنسان ومواطن، من حقه ممارسة حقوقه الدستورية. وفي قضية الترشح والانتخابات، عليه التحسيس بأهميتها، باعتباره قدوة في محيطه، وفي المجتمع ككل، مردفا ''ومن ترشح وفاز، فعليه تأدية واجبه تجاه من انتخبوه، لأنها مسؤولية وواجب تجاه الوطن أيضا''. ورفض سعيد عولمي الخوض في قضية استغلال بعض الوجوه الفنية المعروفة، وترشيح أسماء مشهورة فنيا في قوائم حزبية لشعبيتها، معتبرا الأمر أخلاقيا، وطالب بإعفائه من الحديث في الموضوع. وعن احتمال فوز التيار الإسلامي في التشريعيات، ومدى تأثير ذلك على الفعل الإبداعي، قال المخرج إن الكتلة التي سيفرزها الصندوق مطالبة برعاية مصالح المجتمع الجزائري وحقوقه، ومنها حرية الرأي والتعبير والإبداع. وذكر عولمي بأنه ليست لديه طموحات سياسية، وأنه يفضل تقديم أعمال تفيد المجتمع وتصوّر الجزائر في أبهى صورها.
اعتبر أنه غير قابل للبيع والشراء عنتر هلال: عرضوا عليّ الأموال لكنني رفضت الترشح دعا الممثل عنتر هلال زملاءه من عالم الفن والتمثيل، إلى تجنب الانضمام إلى حزب معيّن أو قائمة محدّدة، لأن الفنان ملك كل الشعب وكل محبيه، وقال: ''بالنسبة لي، الفنان بقدر شهرته، عليه أن يكون محايدا، وأن لا ينحاز لأية جهة، ولا يسمح لأي طرف باستغلاله، حتى يكون لما يقدمه من إبداع صدق وصدى لدى جمهوره''. واعتبر عنتر هلال أن الأحزاب السياسية تستغل الفنانين، قائلا: ''وجود بعض الوجوه الفنية في بعض القوائم لا يخدمهم، بقدر ما يخدم مصلحة هذه الأحزاب''، مطالبا زملاءه بأن لا يكونوا بوّابة لحزب معيّن. كما عبّر هلال عن دهشته وعدم رضاه عن وجود بعض الأسماء الفنية في القوائم الحزبية، ودعاهم إلى تجنب ذلك. وعن سؤال ل''الخبر'' حول إمكانية ترشحه، قال عنتر هلال: ''لقد عرضت عليّ بعض الأحزاب أن أترشح في قوائمها، وهناك حتى من عرضوا عليّ الأموال، لكنني رفضت، أنا غير قابل للبيع أو الشراء''. واعترف عنتر هلال بأن وصول الإسلاميين للسلطة لا يخيفه، لأن هناك فرقا بين الإسلام المتعصب والإسلام الذي تمارسه الأحزاب حاليا في الجزائر، مضيفا: ''أنا أخاف من أصحاب ''الشكارة'' الذين يدّعون ممارسة الديمقراطية، إلا أنهم لم يشبعوا من النهب، ولا زالوا يلهثون وراء الأموال''.
دعت إلى ترك السياسة للساسة فاطمة بلحاج: البرلمان للتشريع وليس للفكاهة واللعب اعتبرت المخرجة فاطمة بلحاج أن جري الأحزاب خلف الفنانين والممثلين أصحاب الأسماء المعروفة، ومن بينهم زوجها صالح أوفروت، بمثابة استغلال سياسي لشهرة الفنان، الذي تتعامل معه الأحزاب مثل الخضار الغشاش، الذي يضع السلع ذات النوعية في أعلى الصندوق لجلب الزبائن، وفي الأسفل حدّث ولا حرج. وأضافت فاطمة بلحاج أنه ليس من حق الفنان، أيا كان، ولا السياسي، ولا ''البفار''، التلاعب بمصير الناس ومصير البلد، مردفة ''على شكل ما حدث في فيلم ''كرنفال في دشرة'' الذي شرّح الواقع السياسي في الجزائر في تلك الفترة، وهو ما يحدث حاليا، للأسف، فالكل يجري وراء تحقيق مكاسب مادية لا غير، دون الاكتراث بمستقبل البلد''. وتساءلت المتحدثة إن كان من يجري لترشيح فنان معروف في حزبه، مهما كان مستواه الثقافي، يعلم أن البرلمان للتشريع والقوانين، وليس للفكاهة واللعب، مواصلة: ''فلنترك السياسة للساسة والفن للفنانين''.
''شنّي شنّي'' يرد على من وصفوه ب''الكلون'' ''أنا لا أشتري شهادات التزكية بأكياس الدقيق وأوراق 1000 دج'' قال الفكاهي عبد الرحمان ربعي، المعروف باسم ''شني شني'' سابقا، إنه لم يفصل حتى الساعة في العروض التي قدمت له من طرف ثلاثة أحزاب حديثة النشأة لتصدّر قوائمها في ولاية المدية، نافيا بذلك إشاعة ترشحه بولاية سطيف التي يكنّ لجمهوره بها كل الاحترام. وأشار المتحدث إلى أن عزمه الترشح بولاية المدية، جاء استجابة لشرائح مهمة من معجبيه، الذين صنفهم من فئة ''المغبونين''، الذين لطالما شكلوا مواضيع معالجاته الاجتماعية في أعماله الفكاهية. ورد شني شني على من وصفهم بالخائفين من ترشحه، بأن نعتهم إياه ب''الكلون''، في حملة استباقية، لن ينقص من عزمه شيئا، مضيفا أنه لن يلجأ مثلهم إلى شراء الذمم أو شهادات التزكية بأكياس الدقيق أو قارورات الغاز، أو حتى بأوراق 1000 دج. وقال الفكاهي عبد الرحمان ربعي، الذي ينتظر اتضاح الصورة أمامه للفصل في الجهة التي سيترشح لصالحها: ''شني شني لن يبحث عن الكرسي باش يْنَنِّي''. فقد سبقه إلى تجربة كرسي البرلمان الممثل القدير حسن الحسني، وحبذا، كما قال، لو تمكن من رفع صوت الفنانين الذين أصبحوا يموتون في الظل، عاليا في أروقة البرلمان.
زعم أن الشعب فقد الثقة في الأحزاب السياسية حكيم دكار: ترشحت في قائمة حرة أكد حكيم دكار ترشحه للانتخابات التشريعية القادمة في قائمة ''الأمل'' الحرة بمدينة قسنطينة، موضحا أنه مواطن جزائري كامل الحقوق، ومن حقه الترشح وممارسة نشاط سياسي. وعن ترشحه في قائمة حرة، قال دكار: ''أعتقد أنه مع احترامي للأحزاب السياسية، إلا أن الشعب فقد الثقة فيها. ولذلك، فضلت القائمة الحرة''، مضيفا: ''أردت أن أكون حرا في قراراتي، والحزب يقيّدني، كما أن القائمة الحرة قريبة من الشعب ومن طبيعة الفنان المبدع''. وأشار دكار، حول انتشار ظاهرة ترشح الفنانين، إلى أن الفنان مواطن يطمح مثل كل جزائري في تنمية البلاد، ويمثل المواطنين بصدق، ويعبر عن انشغالاتهم وانشغالات مواطني ولايته وأهل مهنته أيضا. ويرى دكار أنه حان الوقت للجزائريين أن يقرّروا مصيرهم وأن يعبّروا عن واقعهم، وهذا يتطلب التواجد في الساحة السياسية، مضيفا: ''كي لا نبقى ننتظر من يقرّر في مكاننا''.