قال العلماء رحمهم الله: أفضل الذِّكر ما كان بالقلب واللِّسان جميعاً، وذكر القلب على انفراده أفضل من ذِكر اللِّسان على انفراده. ومعنى ذِكرُ القلب أن تكون صورة الذِّكر الجاري على اللِّسان حاضرةً فيه وجارية عليه، مثل: ما إذا قال الذّاكر بلسانه: لا إله إلاّ الله، يكون كذلك قائلاً لها بقلبه، وقد يكون معنى ذِكر القلب بأن يكون معنى الذِّكر الجاري على اللِّسان حاضراً فيه، مثل: أن يقول بلسانه: لا إله إلاّ الله، ويكون معنى هذه الكلمة الشّريفة الّذي هو انفراد الحقّ بالإلهية حاضراً في قلبه، والله أعلم. ولا شكّ أنّ ذِكر اللِّسان مع غفلة القلب قليل الفائدة والنّفع، ولكنّه خير من ترك الذِّكر رأساً، قيل لبعض العارفين: إنّا لَنذْكُر الله ولا نجده حضوراً؟ فقال: أحمدوا الله الّذي زيَّنَ جارحة من جوارحكم بذِكره، يعني بها اللِّسان، فينبغي لمَن أخذ في الذِّكر بلسانه أن يتكلَّف إحضار قلبه مع اللِّسان، حتّى يصير ذاكراً بهما جميعاً تكلُّفاً في أول الأمر، ثمّ لا يزال يواظب على ذِكر حتّى يذوق القلبُ لذَّة الذكر، وتشرق عليه أنواره، وتشرق عليه أنواره، فعند ذلك يحضر بلا تكلّف ولا مؤونة، بل ربما صار إلى حالة لا يمكنه معها الصبر عن الذِّكر ولا الغفلة عنه.