ما معنى هذه الآية: «والذين هم عن اللغو معرضون» [المؤمنون: 3 ]؟ - نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من المؤمنين المفلحين الذين تتوفر فيهم هذه الصفات المذكورة في بداية سورة النور، وأما معنى قوله تعالى: "والَّذينَ هُمْ عنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" المؤمنون: 3، أي صادّون عن الباطل، قال العلامة ابن عاشور رحمه الله في تفسيره “التحرير والتنوير”: (واللغو: الكلام الباطل.. والإعراض: الصد أي عدم الإقبال على الشيء.. والإعراض عن جنس اللغو من خُلق الجِدِّ، ومن تخلق بالجدِّ في شؤونه كملت نفسه ولم يصدر منه إلاّ الأعمال النافعة)، وقال الإمام البيهقي رحمه الله في شُعب الإيمان: (واللغو: الباطل الذي لا يتصل بقيدٍ صحيح، ولا يكون لقائله فيه فائدة، وربما يكون وبالاً عليه)، وقد فسر بعض العلماء “اللغو” بأنه يكون في الأقوال وفي الأفعال، والله أعلم. المال الحرام وكيفية التخلص منه كنت أعمل بمؤسسة براتب شهري- وقد كانت تلك الشركة بحاجة إلى شراء مواد من مؤسسة أخرى فتم شراء تلك المادة؛ ولكن الذي حصل أني تقاضيت عمولة من الشركة البائعة، وهذا حدث من حوالي 12 سنة وقد سمعت مؤخرا بأن تلك العمولة فيها شبهة الحرام، علما بأن المؤسسة التي كنت أعمل بها أغلقت أبوابها منذ عشر سنوات، ولم يعد لها أثر، فإذا كان ذلك المبلغ حراماً هل أستطيع أن أتصدق بذلك المبلغ والأجر والثواب لأصحاب تلك المؤسسة؟ وإذا كان كذلك فهل أستطيع أن أتصدق بذلك المبلغ على أحد من أقاربي إذا كان محتاجا ويستحق ذلك؟ - إن ما تقاضيته من الشركة البائعة يعتبر رشوة وهي لا شك غير جائزة، وسؤالك عن كيفية التخلص من المال الحرام، أو ما فيه شبهة، وهذه المسألة ذكرها الفقهاء رحمهم الله فقالوا: من عنده مال حرام أو فيه شبهة وأراد التخلص منه فيجب رده إلى صاحبه بعينه إذا كان يعرفه، وكذلك إذا مات وكان يعرف ورثته وجب ردُّه إليهم، وإذا لم يكن يعرف صاحبَه بعينه ولا ورثته إذا كان ميتا، تصدق بهذا المال عن صاحبه. قال العلاَّمة القرطبي في تفسيره المعروف: (قال علماؤُنا: إنّ سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إن كانت من ربا فليردّها على من أرْبَى عليه، ويطلبه إن لم يكن حاضراً، فإن أَيِس من وجوده فليتصدّق بذلك عنه، وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه.) وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: (قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه، أو إلى وكيله، فإن كان ميتاً وجب دفعه إلى وارثه، وان كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء). وعليه: إذا كان قريبك هذا محتاجا كما ذكرت؛ ولم تجد أحدا من أهل المؤسسة التي كنت تعمل فيها، فلا مانع من إعطائه هذا المبلغ على سبيل الصدقة عن أصحاب المال الأصلي الذين هم أصحاب هذه الشركة، مع العلم أن الأولوية في التصدق بهذا المال تكون للمصالح العامة للمسلمين كالمساجد والطرق وغيرهما، والله أعلم.