قتل محمد مراح رفع من أسهم ساركوزي لدى اليمينيين المتطرفين يختار أكثر من 44 مليون ناخب فرنسي، اليوم الأحد، رئيس البلاد في الدور الأول للانتخابات، في ظل منافسة محمومة بين الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي زعيم الاتحاد من أجل حركة شعبية، ومنافسه الشرس فرانسوا هولاند رئيس الحزب الاشتراكي. وضع آخر سبر للآراء فرانسوا هولاند على رأس الفائزين في هذه الانتخابات، ولكن بنسبة لا تتجاوز 29 بالمائة وبفارق 5,3 نقطة عن ساركوزي، مما يجعل هذه الدورة من الانتخابات الرئاسية غير حاسمة، ومن المتوقع أن يتم حسمها في الدور الثاني يوم 6 ماي المقبل كما كان مقررا مسبقا. وجرت الحملة الانتخابية لرئاسيات 2012 في أجواء استثنائية ميزها قتل قوات الأمن الفرنسية لمحمد مراح الفرنسي من أصل جزائري في تولوز، بعد اتهامه بقتل جنود فرنسيين من أصول مغاربية وأطفال يهود ومعلمهم، مما أثار حملة إعلامية وسياسية كبيرة ضد المهاجرين، خاصة ذوي الأصول المغاربية، وشنت قوات الأمن الفرنسية حملة اعتقالات لمن تصفهم بالمتطرفين الإسلاميين في فرنسا سرعان ما أطلق سراحهم بعد التأكد من براءتهم. واستغل اليمين المتطرف واليمين الحاكم حادثة تولوز لشن هجوم قوي على المهاجرين من أصول مغاربية، ساعدهم ذلك في رفع أسهمهم لدى الناخب الفرنسي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي لأول مرة بعد هذه الحادثة تفوق ساركوزي على غريمه الاشتراكي هولاند، خاصة بعد أن ظهر بصفة ''الرئيس الجامع'' ورفضه تحميل المسلمين من أصول فرنسية مسؤولية الاعتداء الذي قام به محمد مراح. وكان المهاجرون في فرنسا كالعادة مادة دسمة في الحملة الانتخابية لساركوزي واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان حتى قبل حادثة مراح، حيث أثيرت في بداية الحملة قضية اللحم الحلال من زاوية أنه يهدد الهوية الفرنسية، وأن الذبح على الطريقة الإسلامية أو حتى اليهودية يثير جمعيات الدفاع عن الحيوان. وللتأكيد على سياسته المتشددة مع المهاجرين وعد ساركوزي -ذو الأصول المجرية- بأنه سيقلص عدد المهاجرين باتجاه فرنسا إلى النصف، وأنه سيتخذ إجراءات أكثر تشددا مع الراغبين في الحصول على الجنسية الفرنسية، وربما حاول التغطية على عجزه في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للفرنسيين بإثارة مخاوف الناخبين الفرنسيين تجاه المهاجرين. ويعيب الفرنسيون على نيكولا ساركوزي أنه خلال عهدته الرئاسية الأولى (2012/2007) فشل في القضاء على البطالة كما وعد في حملته الانتخابية قبل أن يصبح رئيسا، بل على العكس من ذلك فقد ارتفع عدد البطالين خلال رئاسته لفرنسا إلى مليون بطال، فيما يصر على أن هذا الرقم لا يتجاوز 400 ألف بطال، مرجعا سبب إخفاقه في حل مشكل البطالة وغلاء المعيشة إلى الأزمات العديدة التي تعرضت لها فرنسا والعالم ماليا واقتصاديا واجتماعيا. لكن ساركوزي يعترف بأن عهدته الأولى تميزت ببعض ''الأخطاء''، خاصة في مطلعها، حيث اعتبر ''رئيسا للأثرياء'' لاحتفاله بفوزه في 2007 مع كبار مسؤولي المؤسسات في مطعم فاخر على جادة الشانزيليزي، وبرر بعض تلك الأخطاء بالصعوبات العائلية التي واجهها بعد فشل زواجه الثاني من سيسيليا، ثم تزوج بعدها بأشهر عارضة الأزياء السابقة كارلا بروني. سياسيا، ساركوزي الذي رفع في حملته الانتخابية شعار ''فرنسا قوية'' أعطى الأولوية للدفاع عن حقوق الإنسان في سياسته الخارجية، فرغم اتهامه بدعم نظام بن علي في تونس إلى آخر لحظة، إلا أنه عاد ليقود عمليات الحلف الأطلسي ضد نظام القذافي في ليبيا، والتي كان لها ردود فعل متباينة سواء بالنسبة للفرنسيين أو بالنسبة للعرب، كما تدخل عسكريا في كوت ديفوار لاقتلاع ''لوران غباغبو'' الرئيس الخاسر في الانتخابات من الحكم، مما سمح بتولي المرشح الفائز في تلك الانتخابات الحسن واتارا سدة الرئاسة. ولأن الانتخابات الفرنسية الحالية من الصعب أن تحسم في الدور الأول، فإن التحالفات في الدور الثاني ذات أهمية حساسة، لذلك يعول على وعاء مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان (16 بالمائة من نوايا التصويت)، أما مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند فسيغرف من الوعاء الانتخابي لجون لوك ميلونشون الذي يمثل أقصى اليسار (14 بالمائة من نوايا التصويت)، بينما سيتنافس المرشحان الرئيسيان لاستقطاب أنصار مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي قد يكون الورقة الرابحة لكل من ساركوزي وهولاند في سباقهما نحو قصر الإليزيه. الجزائر: مصطفى دالع الخبير الفرنسي في استطلاعات الرأي بونوا ريوندي ل''الخبر'' ''نتائج استطلاعات الرأي تقريبية والمفاجأة غير مستبعدة'' أكد الخبير الفرنسي في مجال استطلاعات الرأي، بونوا ريوندي، أن انتخابات الرئاسة الفرنسية ستكون مفتوحة على العديد من الاحتمالات، مشيرا إلى أن استطلاعات الرأي التي دأب على متابعتها المهتمون بالسياسة الفرنسية قد يكون لها تأثير مباشر في توجيه اختيار الناخبين، غير أن الأرقام المعلن عنها لا تحدد بالضرورة النتيجة النهائية. تُرجح غالبية استطلاعات الرأي فوز مرشح الحزب الاشتراكي في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية، هل يمكن اعتبار نتائج هذه الاستطلاعات دقيقة لدرجة تكون مطابقة للواقع؟ - لا بد من التأكيد على أننا في مجال استطلاعات الرأي نتعامل مع عينات من الجماهير في فترة محددة، ما يعني أن النتائج عادة ما تكون ظرفية وتحدد الاتجاه العام حول موضوع معين خلال تلك الفترة، وبالتالي فإن الأرقام المتحصل عليها وإن كانت دقيقة إلا أنها تظل تقريبية، وعادة ما تسعى المعاهد المتخصصة في استطلاعات الرأي من خلال نوعية الأسئلة وتحديد طبيعة المستجوبين للتحكم في هذا ''التقريب'' حتى تكون أقرب ما يمكن لحقيقة الواقع، فهذه المعاهد تستمد مصداقيتها من التحكم في قرب النتائج المتحصل عليها من الواقع. هذا يعني أن الاتجاه العام الفرنسي اليوم خلال الجولة الأولى من الانتخابات يسير في اتجاه مرشح الحزب الاشتراكي؟ - لابد من الإشارة إلى أن هناك تقاربا كبيرا بين متصدري السباق الرئاسي فرانسوا هولاند والرئيس المنتهية فترة حكمه نيكولا ساركوزي، ومثلما سبق وقلت، تبقى الأرقام والنتائج المتحصل عليها تقريبية ولا تعني أن متصدر سبر الآراء سيفوز بالضرورة، ثم لابد من الإشارة إلى أن نتائج هذه الاستطلاعات في حد ذاتها قادرة على التأثير على الرأي العام. وما يجب أن يدركه القارئ، أننا عادة ما نأخذ الأرقام ونُخضعها لتحاليل وتفسيرات من تأويلنا، لكن ما يجب وضعه في الحسبان أن الأرقام المعلن عنها تخص العينة المستجوبة فقط، إذ أن هناك عينات أخرى صامتة قد تحثها النتائج المعلن عنها على الخروج عن صمتها والتعبير عن موقفها الذي قد يكون مغايرا لموقف العينات المستجوبة، وما أريد أن أقوله إن الاستطلاعات مؤشر وليست محددا. هناك من المرشحين من يؤكد على أنه سيُحدث المفاجأة، مثلما هو الحال مع مرشحة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان؟ - في اعتقادي، ومن منطلق خبرتي في مجال سبر الآراء، يمكنني القول إن نتائج الانتخابات الفرنسية قد تبرز مدى صدقية استطلاعات الرأي في حال جاءت متوافقة مع النتائج المعلن عنها منذ فترة، كما أنها قد تكشف عن مصداقية وسائل الاتصال الحديثة في معرفة الاتجاه العام لرأي الشارع، على اعتبار أن فريق مارين لوبان مثلا يتحدث عن استطلاعات للرأي قام بها عن طريق الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول والأنترنت وغيرها من الوسائط الاجتماعية، وهي عادة وسائل لا يعتد بها، لأن العينة المستجوبة مجهولة الهوية. لكن من جهة أخرى قد تمنح هذه السرية حرية أكبر لمن يرغب في التكتم على اختياراته السياسية، وأقصد أن هناك من المستجوبين في الاستطلاع العادي من لا يفصح بالضرورة عن حقيقة موقفه، في حين أنه لو طلب منه الإدلاء برأيه بشكل سري قد يجيب بحرية أكبر، وبالتالي يعبر عن موقفه الحقيقي. من أجل هذه الأسباب، أعتقد أن نتائج هذه الانتخابات ستكون حاسمة لمعرفة مصداقية استطلاعات الرأي والاستفادة من هذه التجربة لتحسين الأداء في المستقبل. الجزائر: حاورته سامية بلقاضي مدير ديوان مرشح الحزب الاشتراكي للرئاسة الفرنسية فوزي لمداوي ل''الخبر'' ''هولاند عازم على التخلص من الفكر الاستعماري'' تحدث السيد فوزي لمداوي، مدير ديوان مرشح الحزب الاشتراكي للرئاسة الفرنسية فرانسوا هولاند ل''الخبر''، يوما قبل إجراء الجولة الأولى من الانتخابات، حيث أكد أن مرشح الاشتراكيين بقدر اهتمامه باستطلاعات الرأي إلا أنه لايبالغ في تقديرها. تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تفوق فرانسوا هولاند على ثاني متصدر سباق الرئاسة نيكولا ساركوزي، هذا الأخير الذي يعد بمفاجأة، هل تعتقدون بأن هذه النتائج قطعية، وبالتالي الفوز هو من نصيب الحزب الاشتراكي؟ - في الواقع فرانسوا هولاند لم يبالغ في تقدير نتائج هذه الاستطلاعات كما لم يقلل من أهميتها، فهي مؤشر على اتجاه الرأي العام خلال فترة معينة، ما يجعلها قيمتها ظرفية، انطلاقا من هذه النقطة، نعتقد بأنه يمكننا أن تخرج بملاحظتين، الأولى أنه منذ إعلان فرانسوا هولاند عزمه الترشح لسباق الرئاسة في مارس 2011 وهو يتصدر نتائج استطلاعات الرأي حول نوايا الانتخاب، مع العلم أن ثبات هذه النتائج أمر نادر في السياسة الفرنسية. من جهة ثانية، تستمر هذه الاستطلاعات في الحفاظ في التأكيد على تصدر هولاند السباق الرئاسي، لكننا مدركون أنه لا يمكن اعتبار هذه النتائج تحصيل حاصل على أرض الواقع، فهناك أصوات العازفين عن التصويت والمترددين الذين عادة ما يقررون في اللحظات الأخيرة، وهي أصوات تحدد النتيجة النهائية للانتخابات، نحن في الحزب نأخذ نتائج استطلاعاتنا من خلال الجولات الميدانية التي يقوم بها فرانسوا هولاند منذ سنة في كل ربوع فرنسا من قرى ومدن لمعرفة حقيقة انشغالات المواطنين، إذ أمكننا الوقوف على حقيقة معاناة الفرنسيين من الأزمة الاقتصادية. أطلق هولاند نداء لشباب الضواحي الفرنسية للمشاركة في الانتخابات وتقرير مستقبلهم، هل تعتقدون بأن الجيل الثالث من أبناء المهاجرين تلقى هذه الرسالة؟ - كانت لفرانسوا هولاند خرجات ميدانية في الضواحي التي يضعها ضمن أولويات برنامجه السياسي، وهنا لا بد من التأكيد على أن الدستور الفرنسي لا يفرق بين المواطنين حسب انتمائهم، لا الديني ولا العرقي، غير أن الواقع المعيش شيء آخر. فالتجاوزات والتمييز يكاد يكون يوميا في القطاعين الخاص والعام، إذ هناك ممارسات استعمارية يكرسها اليمين المتطرف، ونحن نعتقد بأن من أجل التخلص من هذه الأفكار وتكريس مبدأ المساواة لا بد من معالجة الأسباب ووضع حد لهذا التمييز الاجتماعي من خلال احتواء الضواحي التي تم عزلها وهي الطريقة الوحيدة للتخلص من التفرقة الاجتماعية المتعمدة. فرانسوا هولاند ركز في خطاباته على القوى الإبداعية في الضواحي، ودعا إلى تفعيل هذه الطاقات الشبابية وإدماجها، وقد وقفت شخصيا خلال زياراتنا للضواحي على الوعي السياسي لدى شباب الضواحي، لقد أصبحوا مهتمين بتحديد مصيرهم، وهم اليوم يقدمون مقترحات خلاقة من أجل الخروج من متاهة الضواحي. هناك حديث عن احتمال تحالف بين الحزب الاشتراكي والمرشح جون لوك ميلونشون، أو الخُضر، هل تعتقدون بأن فوز هولاند لن يكون إلا بأصوات هذه التيارات؟ - لا بد من التذكير بأنه منذ وصول ميتيران إلى الحكم، وفي كل مرة وصل فيها الحزب الاشتراكي كان عبر تحالف كل القوى الاشتراكية، والرهان في هذه الرئاسيات لا يتعلق فقط بضمان تداول سياسي، وإنما في حتمية صياغة برنامج حكومة بديل للخروج من الأزمة، وقد تقدم هولاند منذ البداية كجامع لكل تيارات اليسار وأكثر من ذلك، إذ من المنتظر أن يأخذ بعين الاعتبار نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، لكن لن يكون هناك مفاوضات بين الأحزاب خلال الدورتين. الجزائر: حاورته سامية بلقاضي