نهى الله سبحانه وتعالى أشدّ النّهيّ عن الّذين قاتلوهم في الدّين، وأخرجوهم من ديارهم، وساعدوا على إخراجهم، وحكم على الّذين يتولونهم بأنّهم هُم الظالمون.. وفيما عدَا هذا، يعُم السِّلم والمودة والبرّ والعدل للنّاس أجمعين. فاليهود الّذين يعتنقون الصهيونية، ويعملون على اغتصاب أرض فلسطين الحبيبة العربية المسلمة، يعدّون في نظر الإسلام أعداءً تجب محاربتهم ومقاومتهم، وعدم السُّكوت على اغتصابهم فلسطين، وتشريدهم أبناءها ظلماً وعدواناً. وهؤلاء يدّعون ظلماً وبهتاناً أنّ فلسطين هي أرض الميعاد، وأنّ الله تعالى قد وعدهم بها، لأنّه قد وعد بها إبراهيم عليه السّلام في الزمن القديم. ومع التّسليم بهذا الوعد نجِد أنّه قد وقع وليس لإبراهيم ذرية إطلاقاً، ثمّ كان أوّل أولاده هو إسماعيل جدّ العرب الأعلى، فلو قلنا، على حدّ تعبير الدكتور أحمد الشرباصي، إنّ الوعد لإبراهيم لكان العرب أحقُّ بهذا الوعد لأنّهم أبناء إسماعيل وأحفاده. ثمّ إنّ هؤلاء اليهود الصهاينة المعاصرين لا يستطيعون أن يقدّموا بُرهاناً يرتضيه العقل المنصف على أنّهم من سلالة إبراهيم عليه السّلام. ولو فرضنا فرضاً أنّهم من سلالته، لما كان لهم الحقّ أن يدعوا ميراثه، لأنّهم خرجوا على شريعته، وعلى شريعة موسى، وعلى شريعة عيسى، وعلى شريعة سيّدنا محمّد، على الجميع أفضل الصّلاة والسّلام. ومن العجيب أنّ هؤلاء المحرّفين لكلام الله وحقائق التاريخ، يقولون إنّهم شعب الله المختار وأنّهم أبناء الله، والقرآن يرد عليهم بما يكذّبُهم، فحينما قالوا: {نحنُ أبنَاءُ اللهِ وأحباؤه} أجابهم مكذِّباً زعمهم بقوله: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنْتُم بَشَرٌ مِمَّن خَلَق} المائدة:.18 واليهود والنّصارى بادّعائهم أنّهم أبناء الله وأحباؤه، إن لم تكن أبوة الجسد فهي أبوة الروح، كانوا يقولون، تبعاً لهذا: ''إنّ الله لَن يُعَذِّبُهم بذنوبهم، وإنّهم لَن يدخلوا النّار، وإذا دخلوا فما هي إلاّ أيّاماً معدودات''، ومعنى هذا أنّ عدل الله لا يجرى مجراه. وأنّه سبحانه يجازي فريقاً من عباده، فيدعهم يفسدون في الأرض ثمّ لا يُعذّبهم عذاب المفسدين الآخرين، فأيُّ فساد في الحياة يمكن أن ينشأ عن مثل هذا التّصوّر؟ وأيُّ اضطراب في الحياة يمكن أن ينشأه مثل هذا الانحراف؟