تقهقرت حقول البقول الجافة في الجزائر إلى 100 ألف هكتار، حاليا، بعد أن كانت تقارب نصف مليون هكتار قبل عشر سنوات، الأمر الذي يعتبره المختصون انتكاسة في حماية الأمن الغذائي الجزائري، بارتفاع أسعار ما كان يعرف ب''لحوم الفقراء'' إلى ضعف ما كانت عليه، مثل أسعار الحمص، العدس والفاصولياء التي بدأت، منذ أزيد من عام، تغيب تدريجيا عن موائد العائلات الجزائرية، لتأثيرها القوي على قدراتها الشرائية. وشهد قطاع الفلاحة في الجزائر انسحابا غير مسبوق للمنتجين للبقول الجافة، خلال العشر سنوات الأخيرة، حسب المدير العام للديوان الوطني المهني للحبوب محمد كحال، وهو ما وضع مسؤولي القطاع منذ 2009 في حالة طوارئ ودفعهم إلى الاستعجال بوضع برنامج لوضع حد لهذا الانسحاب الذي أثر على الأمن الغذائي للبلاد وحتم التشجيع على عودة الفلاحين إلى تكثيف محاصيل إنتاج البقول الجافة، على غرار الدعم الذي عرفه قطاع الحبوب. ولا تشكل إعادة تأهيل الحقول المنتجة للبقول الجافة اكتشافا وخوضا لتجربة جديدة على الجزائر، فقد كانت منطقة عين تموشنت مثلا وإلى سنوات قليلة ماضية، مشتهرة لدى الديوان الوطني المهني للحبوب بكثافة وجودة إنتاج محاصيل الحمص، بما لا يقل عن 25 قنطارا في الهكتار، يضيف ذات المتحدث ل''الخبر''، أثناء الافتتاح الرسمي لموسم الحصاد والدرس بالمدية من طرف وزير الفلاحة والتنمية الريفية بداية هذا الأسبوع. فيما يتوقع جمع ما بين 56 و58 مليون قنطار من محاصيل الحبوب على المستوى الوطني بعد حملة الحصاد والدرس، وهو ثاني رقم تحقق بالجزائر منذ الاستقلال بعد محصول سنة .2009 إلا أن عوائق كثيرة مازالت تقف في وجه الفلاح رغم التحسينات التي يقرّ بها الرسميون، فالنقص الهام في عدد آلات الحصاد وتقادم أغلبية الموفر منها، انشغال رد عليه وزير القطاع في جلسة العمل التي عقدها مع فلاحي ولاية المدية، بأن الدولة خصصت 33 مليار دينار لتجديد الحظيرة الوطنية للحصادات وبدعم يصل إلى 50 بالمائة للراغبين في اقتنائها أو تجديد الآليات التي بحوزتهم، بدءا من الموسم الفلاحي القادم. ورغم انتقال عدد منتجي الحبوب من 800 ألف إلى مليون و700 ألف فلاح في ظرف ثلاث سنوات، إلا أننا مازلنا على مسافة بعيدة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، ببقاء الجزائر أكبر مستورد في السوق الدولية للحبوب، إذ لا يغني محصول هذا الموسم من القمح الصلب والشعير مثلا الجزائر عن الاستيراد، سوى سبعة أشهر على أكثر تقدير، فيما لا يضمن محصول القمح اللين سوى أقل من شهرين دون الاستنجاد بالسوق الدولية لتغطية حاجة الجزائريين إلى الخبز، وهو ما يبقي على القطاع في قلب التحديات الاقتصادية للبلاد، والتشديد على تعميق إستراتجيات الإنتاج الهيكلي وليس الظرفي.