السؤال الذي يجب أن تطرحه قيادة الأفالان على نفسها ليس هو سحب الثقة من بلخادم، أو تجديد الثقة فيه، خلال اجتماع قيادة الحزب اليوم.. بل السؤال الذي يجب أن يطرح هو: هل بلخادم ما يزال صالحا لقيادة حزب يقود بدوره مؤسسات البلاد الدستورية الحيوية؟! وبعبارة أخرى أكثر صراحة: هل بلخادم، الذي تولى رئاسة الحكومة، وأبعد منها لأنه فشل في تسييرها، أو هكذا قدر الأمر رئيس الجمهورية، عند إبعاد بلخادم من على رأس الحكومة.. وهو زعيم حزب الأغلبية في البرلمان؟! وحزبه ليس فيه القلاقل والانشقاقات الحاصلة الآن؟! هل من فشل في قيادة الحكومة والحزب، وهو يتمتع بثقة الرئيس وثقة حزبه كاملة، يمكن أن ينجح في تسيير الحزب والحكومة وهو يواجه القلاقل في الحزب أولا، وفي البرلمان ثانيا، وفي الأحزاب الشريكة معه في الحكم ثالثا.. وفي ظل ثقة مهزوزة مع الرئيس رابعا؟! أليس من الحكمة أن يترك بلخادم قيادة الحزب ويفتح، بذلك، فرصة لمساعدة الرئيس الذي ساعد الأفالان بالفوز بما فازت به؟! وبفتح فرصة أخرى لحزبه بالتموقع بين الأحزاب؟! فالأمين العام، الذي يعيش معارك في حزبه، ومعارك في البرلمان، ومعارك أخرى على مستوى الحكومة، لا يمكنه أبدا أن يكون رجل المرحلة القادمة ويقود الأفالان بما فيه خير الحزب وخير البلد! بقاؤه على رأس الأفالان، وسط هذه القلاقل، لا يقوي منظومة الحكم الذي يستند إليها الأفالان، بل يضعف الحزب أمام خصومه في البرلمان، وفي الحكومة، وفي قطاعات أخرى... وتبقى القلاقل داخل الأفالان سيفا مسلطا على رأس بلخادم في أي خطوة، يخطوها في الحزب والحكومة والبرلمان. والأكيد أن بقاء بلخادم سيرهن الأفالان ويبقيها ضعيفة أمام خصومها، الظاهرين والمستترين، فالأفالان الآن بحاجة إلى تجديد قيادته، لإصلاح العيب الذي أحدثته الانتصارات الانتخابية المزيفة. وعلى فرض أن بلخادم قاد الأفالان إلى هذا النصر (وهو أمر غير صحيح)، فإنه لو دعم هذا النصر بانسحابه، وفتح المجال لوحدة حزبية قوية، يكون قد انسحب، وهو منتصر، أفضل له من أن ينسحب وهو مذموم مدحور، ويخطئ من يعتقد أن بلخادم سيقود الأفالان، في المرحلة القادمة، بلا قلاقل، وبلا مشاكل، تنعكس مباشرة على وضع الحزب، وعلى وضع مؤسسات الدولة. حتى الانتهازيون الذين يرون في بقاء بلخادم ضمانة لمصالحهم في الحزب والمؤسسات، فإن وضعه الضعيف بالقلاقل في الحزب يجعله غير قادر على ضمان تلك المصالح لهؤلاء الانتهازيين. المسألة إذن ليست في من يملك الأغلبية في الإطاحة بالآخر؟! بلخادم أو خصومه، بل المسألة تتعلق بقوة الحزب إزاء الآخرين، ووضع بلخادم داخل الحزب الآن لا يضمن أي قوة لبلخادم، داخل حزبه أولا، وفي منظومة الحكم ثانيا. فهل يعي بلخادم وأنصاره وخصومه، على السواء، هذه الرهانات؟! لا ندري؟!