يسود الشارع المصري حالة من الارتباك والترقب الحذر، من النتائج التي ستفرزها جولة الحسم التي جرت بين مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي والجنرال أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع. تجري الانتخابات الرئاسية المصرية وسط حضور متوسط في يومها الثاني، حيث تميزت بسلسلة من المخالفات أبرزها زيادة معدلات العنف الانتخابي وطرد المراقبين واستمرار أعمال الدعاية الانتخابية، وسط إصرار شريحة كبيرة من المجتمع المصري على المقاطعة أو إبطال أصواتهم، تعبيرا عن رفضهم التام لنتائج الجولة الأولى. على خلاف الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، شهدت جولة الإعادة إقبالا دون المتوقع، حيث بدأت اللجان عملها في ظل إقبال محدود من الناخبين، وقد أرجع المراقبون أسباب انخفاض معدلات الحضور، لجملة من الأسباب أهمها انحصار المنافسة بين مرشحين اثنين غير مرغوب فيهما، وأن النتيجة محسومة سلفا لمرشح بعينه، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، وكذا الدعوات التي انتشرت بعد نتائج الجولة الأولى، وتدشين بعض الحملات على المواقع الإلكترونية للمطالبة بمقاطعة الانتخابات في جولة الإعادة. الإخوان وشفيق ينقلون أنصارهم في حافلات للتصويت خرج، أمس، أنصار المرشح الإخواني الدكتور محمد مرسي بكثافة في ثاني أيام جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة المصرية، وهي الخطة التي وضعتها الجماعة حتى تستطيع قراءة الاتجاهات التصويتية للناخبين العاديين، غير المحسوبين على أي تيار سياسي، وقد أصيبت حملة أحمد شفيق بحالة من التوتر بعد الحشد الكبير للإخوان، خاصة وأنهم يمثلون مليون و200 عضو في التنظيم، وكل فرد مطالب بحشد خمسة أفراد من عائلته على الأقل للتصويت لمرشحهم، وخصصت الجماعة حافلات مكيفة لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع نظرا لحرارة الجو. كما عقدت حملة مرسي، مساء أول أمس، اجتماعا طارئا أعلنت فيه عن رفضها لقرار حل مجلس الشعب، وطالبت بإجراء استفتاء شعبي على هذا الحكم، باعتبار أنه لا يجوز حل مجلس انتخبه أزيد من 30 مليون ناخب، إلا بالرجوع إلى المواطن. ومن جهتها خصصت حملة شفيق أيضا سيارات وحافلات مكيفة لنقل أنصارهم، بعد النزول المكثف لأنصار منافسهم. اشتعال حدة الصراعات بين مرسي وشفيق واحتدم الصراع بين حملتي المرشحين مرسي وشفيق، ساعات قبل غلق مراكز الاقتراع، مع تزايد الاتهامات المتبادلة، وشهدت العديد من اللجان مشاحنات ومشادات بين أنصار كل مرشح بسبب تواصل الدعاية الانتخابية، ورصدت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي العديد من التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية، كان الأبرز منها استمرار عمليات الدعاية الانتخابية وعدم احترام فترة الصمت الانتخابي والتأخر في فتح اللجان. من جهته خصص المجلس الأعلى للقوات المسلحة عددا من السيارات تجوب مختلف المحافظات المصرية، لتحسيس المواطنين بضرورة الانتخاب والإدلاء بأصواتهم، وبث الأغاني الوطنية عبر الميكرفون ووزعت منشورات، أشاد فيها بدور الشباب في الثورة. الأقلام الصينية ومزاعم التزوير حالة من الهلع انتابت الشارع المصري، بعد انتشار خبر ''الأقلام الصينية'' التي يزول حبرها دقائق بعد الكتابة بها، حيث فضل العديد من الناخبين استخدام أقلامهم خوفا من إبطال العملية الانتخابية، وهو ما أدى إلى خلاف ومشادات بينهم وبين المستشارين، الذين حرروا محاضر لإثبات هذه الواقعة، لأنهم يخشون أن تكون الأقلام التي يصحبها الناخبون صينية هي الأخرى، فيما يراها البعض الآخر مجرد شائعات لإرهاب الناخبين، وقد ألقت هذه الوقائع بظلالها على يومي الاقتراع، فيما قام أنصار المرشحين بتقديم رشاوى إلى الناخبين وصلت إلى أزيد من 100 دولار، وتوزيع المياه المعدنية والعصائر على الناخبين. وفي سياق مواز، قال القيادي اليساري البارز الدكتور عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي في تصريح ل''الخبر''، إن إصرار عدد كبير من الناخبين المصريين على المقاطعة تحصيل حاصل للنتيجة غير المرضية للجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، موضحا ''لا شفيق ولا مرسي يعبّر عن ثورة 25 جانفي ومبادئها، والناخب المصري لم يكن متحمسا لهذه الانتخابات لأنه دعي، أكثر من مرة، للاستفتاء على الدستور وانتخابات مجلسي الشعب والشورى والإعادة وانتخابات الرئاسة، وهذا كله أدى إلى حالة من الملل، خاصة أن نتيجة الجولة الأولى لم تكن مرضية''. وتابع قائلا: ''وبالتالي قامت شريحة كبيرة من الناخبين بإبطال أصواتها، وحزبنا أيضا قرر المقاطعة من أجل إبطال العملية الانتخابية، وأعتقد أن كلا المرشحين لن يحصلا على نفس النسبة التي حصلا عليها في الجولة الأولى''. وفي سياق ذي صلة، وضعت وزارة الداخلية المصرية خطة موسعة لتأمين مرحلة فرز الصناديق، وإعلان النتائج وكذلك مرحلة مع بعد النتيجة الرسمية، للتصدي ولمواجهة أي مظاهر شغب أو فوضى، وشددت على ضرورة احترام شرعية الرئيس القادم، كما قررت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة مد فترة التصويت إلى غاية العاشرة مساء، وأعلنت في وقت سابق عن أن نسبة المشاركة في جولة الإعادة بلغت 40 بالمائة.