يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا كان أوّل ليلة في شهر رمضان صُفِّدت الشّياطين ومَرَدَة الجن، وغلقت أبواب النّار فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنّة فلم يغلق منها باب، ويُنادي منادٍ: يا باغي الخير أقْبِل، ويا باغي الشرّ أقْصِر، ولله عُتقاء من النّار وذلك كلّ ليلة'' رواه الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة. تَحِنُّ نفوس المتّقين، وتشتاق قلوب الصّالحين هذه الأيّام لقدوم شهر رمضان المبارك، شهر المغفرة والرّحمة، شهر الخير والبركة، شهر تفتح فيه أبواب الجِنان وتُغلَق أبواب النيران وتصفد الشّياطين، شهر تعتق فيه الرِّقاب من النّار وتضاعف أجور العمّال.. أقْبَل الضيف ''رمضان''.. فهل من مقبل عليه؟ قال عليه الصّلاة والسّلام: ''إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنّة وغلقت أبواب النّار وصفدت الشّياطين''، فما أجدرنا إلى اغتنامه بصيام النّهار ''مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه''، وبصلاة الليل مع عامة المسلمين في بيوت الله تعالى، وقيامه أيضاً ''مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه''. إنّ دخول شهر رمضان الفضيل علينا هو بمثابة دخول العون علينا في ديننا ودنيانا، فأبواب الفرج تتفتَّح، مِصداقاً لما قاله سيّدنا وحبيبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا كان رمضان فُتِحَت أبواب الخير'' ولم يقيّد أو يستثن، وهذا معناه أنّ كلّ أبواب الخير الدنيوية والأخروية تفتح، والكلّ يشهد بذلك ويحسّه. فلابدّ على المسلم أن يجعل من شهر رمضان باب خير عليه وعلى أهل بيته، فلا مانع من التّوسيع على أهل بيته بلا تكلّف وإسراف، والتّوسيع على إخوانك من أرحامك وجيرانك وأصحابك هو من أفضل الأعمال، ففي الحديث الصّحيح أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''أفضل الأعمال أن تُدْخِل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً'' أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه وابن عدي في الكامل عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''مِن أفضل العمل إدخال السُّرور على المؤمن: تقضي عنه دَيْناً، تقضي له حاجة، تُنَفِّس له كُربة'' أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنكدر رضي الله عنه مرسلاً. ويزداد هذا الفضل إذا أدخل المؤمن السّرور على جاره، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ''ليس المؤمن الذي لا يأمَن جاره بوائقه'' أخرجه الطبراني في الكبير عن طلق بن علي رضي الله عنه، وقال أيضاً عليه الصّلاة والسّلام: ''ليس المؤمن بالذي يَشبَع وجاره جائعٌ إلى جَنْبِه'' أخرجه البخاري في الأدب والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما. إنّ المؤمن الحق مَن يحرص على اغتنام كلّ دقائق ولحظات شهر رمضان المبارك في طاعة الله وذلك بعمل برنامج يومي يملئ بالطّاعات والعبادات حتى لا يترك مجالاً لنفسه أن تشغله بالمعصية، وأن يُحاول قدر استطاعته أن يتقن هذه الطّاعات والعبادات، بل وعليه أن يغتنم رمضان لتعويد النّفس على الطّاعات، فلا ينتهي رمضان إلاّ وقد أخذ حظَّهُ منه وتَزوَّد بزاد مِن الأعمال الصّالحة الّتي تَرَبَّت النّفس عليها.