استشعر نشطاء حقوق الإنسان تحولا في خطاب كتابة الدولة للخارجية الأمريكية في شق الحريات الدينية الذي يتضمنه التقرير الجديد، في الباب المخصصة للجزائر، وثمة إجماع على أنه حتى وإن تضمن التقرير ملاحظات بشأن واقع الحريات الدينية، إلا أن التقرير لم يبلغ مصاف انتقاد شديد درج عليه في التقارير السالفة. وخفضت كتابة الدولة للخارجية الأمريكية شدة انتقادها لواقع الحريات الدينية في الجزائر، على ما سبق وأن ساقته في تقارير ''نارية'' لم تعترف فيها بحرية ممارسة الشعائر الدينية خارج الإسلام، منذ التقرير الصادر سنة 2008 والذي دفع الدوائر الحكومية إلى الرد عليه تباعا. ويرى رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها أن ''ما ورد في التقرير الجديد لدائرة هيلاري كلنتون، ينم عن حقيقة تعكس تحسن الأمور المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية وحرية الديانات في البلاد''، وقال فاروق قسنطيني في تصريح ل''الخبر'' تعليقا على ما ورد في نص التقرير الأميري الصادر أول أمس، أن ''الخارجية الأمريكية التي ترصد منحى الحريات الدينية في العالم سنويا وحتى المنظمات الدولية التي تعودت على ''قصف'' كل ما هو جزائري في السابق، بدأت تعرف حقيقة الوضع في البلاد''، وتابع قسنطيني ''قياسا بالتقارير التي سبقت حاملة انتقادات شديدة لا تعكس حقيقة الوضع، فإن التقرير الجديد للحريات الدينية في العالم، أظهر أن الأمور فعلا في طريق التحسن''. وأضاف رئيس اللجنة ''هؤلاء معدو التقرير اكتشفوا الحقيقة لوحدهم، ونحن لم نبع ولم نشتر معهم، لكن أقول إن الوضع مازال يحتاج إلى تحسين أكثر من الحاصل حاليا''. وسبق لفاروق قسنطيني أن رد على تقرير الحريات الدينية للخارجية الأمريكية بعنوان عام 2010، باعتباره تضمن فصولا من الانتقاد الشديد لواقع حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، واتهم أطرافا داخلية بتسويق معلومات خاطئة عن حقيقة الوضع. من جهته، يقول رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان ل''الخبر '' أن ''خفة التقرير فيما يتصل بالحريات الدينية في الجزائر، مردها أسباب عدة، أهمها أن المجتمع الجزائري بدأ يتقبل فكرة وجود أديان أخرى إضافة إلى الدين الإسلامي، وهذا الإشكال كان مطروحا بحدة، إذ يعتقد الناس بأن الأديان من غير الإسلام مرتبطة أساسا بالاستعمار''. وإذ سلم المتحدث بتحسن في مسألة تقبل ''الآخر الديني'' في الجزائر من خلال نشاط الكنائس العلني، لكنه ينتقد من جهة أخرى ''عدم الظهور'' بالنسبة لليهود وتفضيلهم الحياة السرية في الجزائر، لأنهم يخشون المجتمع. وأشار الأستاذ غشير إلى تبدل نظرة السلطات لنشاط الإرساليات الأجنبية العاملة بالكنائس، في تعليقه على ما ورد في التقرير الأمريكي من تراجع نسبة رفض منح تأشيرات الدخول إلى الجزائر، حيث كان هؤلاء يعانون صعوبات جمة في حصولهم على التأشيرة الجزائرية. وأوعز الأستاذ غشير جزءا من أسباب خفة اللهجة الأمريكية حيال ملف المعتقد إلى التقارير الدولية السابقة، سواء المتعلقة بكتابة الدولة للخارجية الأمريكية أو بالنسبة للمنظمات الدولية غير الحكومية أو الأممالمتحدة، ما دفع بالحكومة إلى مراجعة بعض الأمور.